على دعواه ومنعه الحاكم الشرعي من معارضته بالوجه الشرعي بحجة شرعية، والآن يريد الدعوى لأجل ضرره وأذيته، فهل القضية إذا فصلت بالوجه الشرعي، وأراد الخصم نقض الدعوى وإعادتها لا تعاد، ولا تسمع ما الحال؟
(أجاب) لا ريب أن أذية الخلق ولو ذميا لا يجوز، والدعاوى الباطلة كبيرة من الكبائر؛ لما فيها من الوعيد الشديد، ففي الحديث: "من ادعى بما ليس له فليتبؤ مقعده من النار". صرح بذلك ابن حجر في الزواجر، ومثل ذلك الخصومة بباطل زور، وقال غريب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفي بك أن لا تزال مخصما". والبخاري: "أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم". أي كثير الخصومة، ومثل ذلك المخاصمة بغير علم، بل إذا ظهر للحاكم الشرع أيده الله تعالى عناد الخصم وبطلان دعواه، وكثرة خصامه عزره؛ لأن له أن يعزر على كل معصية لا حد فيها ولا كفارة، وقد علمت أن ما ذكر معاصي عديدة، والله تعالى أعلم.
[مطلب بلدة وقع فيها خوف فجاء لامرأة أبوها إلخ]
(سئل) في بلدة وقع فيها خوف فجاء لامرأة أبوها ليخرجها منها فخرجت معه، ومكثت نحو شهر ورجعت لزوجها، ثم مات أبوها، ثم ماتت هي وادعى زوجها أنه يوم ذهبت مع أبيها كان معها مال لها عده لها، ويوم رجعت أخبرت أنه بقي عند أبيها، فهل للزوج طلب على ولد أب الميت بما ذكرا؟
(أجاب) ما ذكر لا يثبت به حق، وإنما هو حكايات لا تصلح مستندا شرعيا، نعم للزوج تحليف ولد الأب أنه لا يعلم أن أباه أخذ من ابنته مالا، فإن أقر له بشيء، أو أقام عليه بينة شريعة بما علمته أو رأته أن البنت التي هي زوجة الرجل دفعت لأبيها كذا، وبقي عنده حتى مات وخلف تركة لزوم ولده وفاؤه، والله تعالى أعلم.
[مطلب رجل استدان دراهم واشترى لنفسه أمتعة إلخ]
(سئل) في رجل استدان دراهم، واشترى لنفسه بحضرة جماعة أمتعة من فرش وبسط ومخد، وغير ذلك ووضعها في بيته للتجمل فصار بين الزوج والزوجة مشاجرة ومخاصمة فأراد الزوج أخذ أمتعته؛ ليبيعها ويوفي ديونه فمنعته وادعت أن ذلك ملكها وهي مما تصلح لهما، فهل القول قولها، أم قوله؟
(أجاب) حيث أقام الزوج على الأمتعة بينة أنها له قضي له بها، وإن لم يقم بينة تحالفا، وجعل بينهما نصفين، وإن حلف أحدهما دون الآخر قضي له بما حلف هذا نص الشافي والجمهور، والله تعالى أعلم.
[مطلب رجل بيده زيتون يستغله تلقاه عن أبيه إلخ]
(سئل) في رجل بيده زيتون يستغله تلقاه عن أبيه عن جده من نحو سبعين سنة، والآن برز له رجل من أهل البلد يدعيه مع مشاهدته للتصرف، ويريد أن يقيم شاهدا يشهد بأن هذه الأرض ليس فيها زيتون لغير أهلها فما الحكم في ذلك؟
(أجاب) وضع اليد والتصرف من أقوى الأدلة الشرعية على الملك ولا سيما مشاهدة الرجل المدعي للتصرف وسكوته عليه هذه المدة المذكورة على أنه لا تسمع الدعوى بعد خمسة