في الرسالة، وأما بركته وخيراته فظاهر أن ذلك باق باتفاق ولا عبرة بما حدث الآن؛ لأنه خرق للإجماع، وخلاف النص الصريح. والله أعلم.
[مطلب: في قوله - صلى الله عليه وسلم - «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد».]
(سئل) ما معنى الحصر في قوله - صلى الله عليه وسلم - «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي، والمسجد الأقصى» هل في الحديث دليل على منع شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة كما فهمه بعض من لا خلاق له حتى توهم منع الزيارة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا بالتبع لمسجده ومنع زيارات كثيرة لأماكن كثيرة مما يقصد بالزيارة وأخذ ذلك من هذا الحديث؟
(أجاب) هذا الحصر على حد قوله - صلى الله عليه وسلم - «الحج عرفة» على معنى أن معظم الحج عرفة، وكذلك هذا، فكأنه قال - صلى الله عليه وسلم -: هذه المساجد أعظم ما يشد له الرحال، فغيرها بالنسبة إليها لأنه كلا شد على حد قولنا: زيد الشجاع، فشجاعة غيره كأنها كلا شجاعة بالنسبة إلى شجاعة زيد، فالحصر في الحديث مبالغة وادعاء لكمال شد الرحل فيها دون غيرها، فلا ينافي أن غيرها يشد له الرحل، ويحتمل أن المراد من حيث المسجدية، فكأنه قال: لا تشد الرحال لمسجد سوى هذه الثلاث لاستواء سائر المساجد في الفضيلة، فلا معنى لشد الرحل لغير هذه، أما هذه الثلاث فشد الرحل لها له فائدة؛ لتضاعف الأعمال فيها دون غيرها، وقد قام الإجماع على طلب زيارة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا عبرة لما تخيله بعض الأغبياء، فالزيارة للأماكن المباركة من قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقبور سائر الأنبياء ولو اختلف في محلها، وكذلك الأولياء، مطلوبة محبوبة للاتباع للسلف والخلف في ذلك، والله أعلم.
[مطلب: في من صلى خمس صلوات من الفرائض في آخر جمعة من رمضان.]
(سئل) عن من صلى خمس صلوات من الفرائض في آخر جمعة من شهر رمضان كان ذلك جابرا لكل صلاة فائتة في عمره إلى سبعين سنة ولكل صلاة صلاها بوسوسة أو بغير طهارة أو نسيان إلى غير ذلك، فهل هذا حديث صحيح ورد في السنة عنه - صلى الله عليه وسلم - أو غير صحيح؟ وما المراد بالفرائض التي يصليها هل هي الحاضرة أم الفائتة أوضحوا الجواب أنلتم الثواب؟
(أجاب) الحمد لله وحده ممن منه التوفيق نعتمد التحقيق، اعلم وفقك الله تعالى أن من مارس السنة النبوية واشتغل بفؤاد أنوارها البهية وعلم مبدأ فيضها من الأنوار القدسية وشهد أصولها الربانية وخاض في بحار أودية جامعها النورانية ودرس في دروس بلغتها وفصاحتها العدنانية علم أن هذا من غير الأحاديث المروية بالأسانيد المقومة للبرية، ونادته أصول أحاديثها المحررة عند أئمتنا العلية: لا تنسب هذه المقالة إلى خير من نطق بالضاد بكل فضل ومزية، فهذه الكتب الصحاح فهل تجد ذلك فيها بالرواية القوية؟ ولا تغتر بما وقع لأئمة أجلاء مثل الواحدي والبيضاوي والزمخشري وأبي العصمة