يعلم ذلك كل من عرف محاسن الشرع القويم ونظام الدين المستقيم الذي قامت السماوات والأرض بالحق بقيامه، وهذا الأمر وهو الإجارة الطويلة وزيادة الأجرة على ما وقع عليه العقد بسبب عمارة الآلات للمحل المستأجر واقع بمصر - عمرها الله تعالى - والشام - حرسها الله تعالى - والحجاز - زادها الله رفعة - بل غالب أقطار الأرض، وفتح هذا الباب مخل للصواب فاتح للشر والخصام في كل الأبوب رافع للحجاب، فعليك بالحق ولا ترتاب يفتح لك الخير من كل باب، والله تعالى أعلم بالصواب.
[مطلب: راعي بقر معه بقر أوردها الماء إلخ.]
(سئل) في راعي بقر معه بقر أوردها الماء وواحدة منها لم ترد الماء، فجاءت صاحبتها لتوردها فأوردتها وأرسلتها إلى راع البقر مع بنت قاصرة لتوصلها إلى الراعي، فنزلت في قصب فأكلت منه فذبحها صاحبه وباع لحمها ويدعي أن البنت نادت الراعي ليأخذها فلم يأخذها ولم تدخل تحت يده، فهل يكون الراعي ضامنا لها والحالة هذه أو لا؟
(أجاب) حيث تسلمت المرأة البقرة وأخذتها خرج الراعي من عهدتها، وحيث لم تدخل تحت يده ثانيا فلا يكون ضامنا لها ولا عبرة بنداء الصغيرة بل التقصير من المرأة المسلمة للبقرة لها فهي المقصرة، والله تعالى أعلم.
[مطلب: أرض تيمارية عادمة النفع إلخ.]
(سئل) في أرض تيمارية عادمة النفع مكمنا للصوص وضررا للجار والمار، استحكرها رجل من المتكلم عليها ثلاثين عقدا كل عقد ثلاث سنين بأجرة هي أجرة المثل إذ ذاك ليبني بها مساكن وحوانيت وينتفع بها سائر الانتفاعات الشرعية، فبنى بها ما ذكر وتصرف فيها مدة تزيد على خمس عشرة سنة هو وورثته من بعده، فهل للمتكلم على الأرض أو لمن تلقى الأرض عنه لموته أو عزله أن يعارض أو ينقض هذا الأمر بعد حكم الحاكم الشرعي به وكتابة حجة شرعية بذلك؟
(أجاب) حيث كان ما ذكر أجرة المثل بحكم العدل وتقويمه كانت الإجارة صحيحة معمولا بها شرعا يجب إمضاؤها على ما وقع به العقد لا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر لها النقض ولا طلب زيادة على ما وقع به العقد، ولا عبرة بما ظهر من زيادة الأجرة لراغب فيها لأن المحل إذا عمر امتدت له الأعين وظهرت فيه الرغبات، فهلا كان ذلك والمكان من قسم الموات ولا سيما إذا وقع ذلك بحكم حاكم يراه بمأمن الحق يرعاه لأن حكمه في مختلف يصير الحكم متفقا عليه، فيبطل من المدعي نجواه ويسد عليه طريق الخصام في مبدئه ومنتهاه فوضع البناء بحق لا يزال بقول المدعي وهواه، كل ذلك دفعا لمنتهى الفساد ومبدأه، فالمؤمنون تربطهم أقوالهم وتوثقهم شروطهم والحق يعاملهم بما يضمرون والناس تعاملهم بما يعلنون، قال صلى الله عليه وسلم:[بعثت بالظاهر والله يتولى السرائر] وإنما الأعمال بالنيات والله عالم