إلى مولاه الغني القدير، السيد أحمد بن أمين الدين البسطامي، المتشرف بإفتاء السادة الشافعية بنابلس المحمية لما انتقل بالوفاة إلى رحمة الله تعالى العالم العلامة، الحبر البحر الفهامة، شافعي زمانه، فريد عصره وأوانه، كهف الإسلام والمسلمين، عمدة الفقهاء والمحدثين، شيخ الإفتاء والتدريس، ومحل الفروع والتأسيس، من هو تابع لمذهب الإمام الأعظم الشافعي ابن إدريس، شيخي وأستاذي عمدتي واستنادي، وقدوتي إلى الله تعالى المرحوم المغفور له إن شاء الله تعالى الشيخ محمد الخليلي، نزيل القدس الشريف، أمطر الله تعالى عليه صبيب الرحمة والرضوان، وأسكنه وإيانا أعلى فراديس الجنان، وكان رحمه الله قيد في مسودة شريفة بعض ما وقع له من الأسئلة وما أجاب عليها، فأرسلت طلبتها من ولده مفخر السادات وعين السيادات، الحائز قصب السبق إلى رتب الكمالات، من هو كاسمه فالح وناجح، مولانا السيد محمد الصالح، وفقه الله تعالى للعمل الصالح، وبلغه ما أمل من جميع المصالح، فأجابني لما طلبت، وبلغني ما أملت، وأرسها لي وما ونى، وحملني له بذلك أجل الثناء، فرأيتها فوائد ثمينة، وفرائد يتيمة، وجواهر مضيئة، وبدورا مستضيئة، حقيق أنها بماء العيون ترسم، وبمداد العسجد ترقم، وتكتب في صحائف الورق فضلا عن الورق، بأحسن خط من كتب وورق، فجزاه الله تعالى جزاء وافيا موفورا، وجعل عمله متقبلا وسعيه سعيا مشكورا، فما كل من فعل أجاد في فعله، ولا كل من قال وفى بقوله، والخلائق في الفضائل يتفاوتون، وقد يظفر الأواخر بما ترك الأولون.
وقد جمعت مسائل مهمة كثيرة الوقوع، وفوائد جمة ظاهرة الطلوع، وواقعات شهيرة ومنقولات عزيرة، وأبحاثا مطنبة وجيزة، ينتفع بها الصغير والكبير، ويرتاح بالأخذ منها المأمور والأمير، وتكون عونا لمن بمنصب الإفتاء بلي، وسلك في فتواه منهاج الاستقامة وكفي، وبمطالعتها الغباوة والغشاوة تنجلي؛ ولكونها من وقائع أهل هذا الزمن والأوان، لا يمل قارئها مع توالي الملوان، خالية عن الكلام المعمى، سالمة من الألحان والمغمى، فاستخرت الله تعالى كثيرا، واتخذته هاديا ونصيرا، بيضتها وجمعتها، وعلى أبواب متن الفقه رتبتها، وحذفت منها بعض أسئلة مكررة، وأجوبة مطولة، وبدأتها أول بما يتعلق بالتفسير ثم بالحديث ثم بالنحو ثم بالتوحيد ثم بأبواب الفقه على الترتيب، ثم ختمتها ببابين؛ الأول بما يتعلق بالتصوف، والثاني مسائل منثورة وسميتها بالفتاوى المحمدية الخليلية، في واقعات السادة الشافعية، نويت