من صابون ودراهم وغيرهما، ثم إن كل واحد منهما يتصرف بالمصلحة على مقتضى الشركة، فالذي بيافا يبيع الأرز والقماش وغير ذلك، ويرسل الثمن إما نقدا وإما صابونا وإما غير ذلك، والذي بدمياط يبيع ما أرسله له الذي بيافا وينضده ويصفيه، فهل كل من الشريكين أمين في مال الشركة فيما يبيع ويشتري ويصفي بالمصلحة فيصدق بيمينه، وهل إذا تلف شيء من مال الشركة بغصب أو عرق أو أخذ حاكم يكون على الشركة فإن حاكم غزة أخذ ممن بيافا عشرة أرادب وثلثا أرزا عدم عنده حصة من ثمنها، فهل هي على الشركة أم لا؟
(أجاب) نص أئمتنا متونا وشروحا أن يد الشريك يد أمانة كالوكيل والوديع فيصدق بيمينه في دعوى الرد والتلف على ما حصل في الوديعة والربح والخسران حيث كان التصرف بحسب المصلحة، وعبارة متن العباب الرابع أي من أحكام الشركة الأمانة كالوديع فيصدق أي الشريك بيمينه في دعوى الرد والربح والخسران والتلف ونفي خيانة معلومة، وفي أنه اشترى له أو للشركة .. إلخ، فقوله: نفي خيانة معلومة؛ يعلم منه أن الشريك يصدق في كل ما فيه نفي الخيانة المعلومة بأن لم يكن هناك خيانة أصلا أو لم تكن معلومة، والحاصل أن الشريك يتصرف بحسب الإذن والمصلحة، فحيث كان تصرف الشريك بحسبهما فهو مصدق بيمينه لأن مبنى الشركة على الأمانة لخبر: يقول الله تعالى: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خانه خرجت من بينهما. رواه أبو داود والحاكم وصحح إسناده، ومعنى: أنا ثالث الشريكين أنا معهما بالحفظ والأمانة فأمدهما بالمعونة في أموالهما وأنزل البركة في تجارتهما، فإذا وقعت بينهما الخيانة رفعت الإعانة والبركة عنهما، وهو معنى قوله: خرجت من بينهما؛ وما قبضه الحاكم من الأرز فإن كان بحسب الإذن والمصلحة في الشركة فلا ضمان على الدافع لما ذكر، وإن لم يكن الآخذ حاكما لأنه تصرف بحسب الإذن والمصلحة وإن لم يكن أذن وأخذه بالقهر فلا ضمان أيضا على الشريك الدافع لأن الحاكم غاصب لما أخذه ولا قدرة للشريك على رده وربما ترتب عليه ضرر أشد من أخذه الأرز فيدفع بالأخف الذي هو دفع الأرز، والله أعلم.
[مطلب: رجل اتفق مع آخر على أن يضع له .. إلخ.]
(سئل) عن رجل اتفق مع آخر على أن يضع له المال وهو يصنع القرب، فأخذ المالك يقوم له جلودا ودراهم وهو يصنعها قربا فتمت القرب وبيعت، فما الواجب للرجل العامل النصف من الربح المشروط له أم الأجرة؟
(أجاب) هذه شركة فاسدة لأن شرطها وضع المالين من الشريكين وخلطهما سواء، فالواجب للعامل أجرة مثله لمثل تلك القرب المصنوعة لفساد الشركة والربح والخسران لاحق بالمالك، والله أعلم.