للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أمواله؛ لما تقرر أن هذا كالإحياء الذي في القبر، وتارة لا يتيقن كذلك فتبين أنه لم يزل شيء عن استحقاقه فيعود له، والحاصل أن الإحياء بعد الموت المراد به الإحياء للبعث لا الكرامة أو سؤال الملكين، والله تعالى أعلم.

[مطلب ما حد التوحيد وما الواجب على المكلف]

(سئل) عن حد التوحيد وما الواجب على المكلف اعتقاده في حق الله تعالى وفى حق الرسل عليهم الصلاة والسلام؟.

(أجاب) حد التوحيد عند علماء الكلام إفراد المعبود بالعبادة مع اعتقاد وحدته ذاتا وصفات وأفعالا، كذا ذكروا وفيه نظر؛ لأنهم أرادوا التوحيد الاصطلاحي فلم يدخل فيه بقية ما يجب لله تعالى مثل العلم والقدرة والإرادة، وما يجب للرسل من الصدق والأمانة ونحوهما، وقد يجاب بأن ذلك داخل في العبادة، ورد بأن اعتقاد ذلك وإن كان في الحقيقة عبادة إلا أنه لا يسمى في العرف عبادة، وبأنه يلزم أن يكون التعريف أعم، وإن أرادوا اللغوي فهو أعم مما ذكر، ولو قيل: إن التوحيد هو اعتقاد ما يجب لله ورسله وما يجوز وما يستحيل شرعا، كان أسلم، وأما عند أهل التصوف فهو أن لا يرى إلا الله تعالى، بمعنى أن كل فعل وحركة وسكون واقع في ذلك الكون، فمن الله تعالى وحده لا شريك له، لا يرون لغيره فعلا أصلا. وأما الواجب اعتقاده في حق الله تعالى الذي قام لنا عليه الدليل فأخذوا أربعين عقيدة، منها عقيدة واحدة وهى الوجود، ومنها خمس صفات سلبيات وهى القدم والبقاء والقيام بالنفس والوحدانية ومخالفته تعالى للحوادث، ومنها سبع صفات معنوية وهى القدرة والإرادة المتعلقتان بالممكن من الأشياء، والعلم والكلام المتعلقان بالواجب والجائز والمستحيل، والسمع والبصر المتعلقان بجميع الموجودات، والحياة وهى لا تتعلق بشيء، ومنها سبع صفات معنوية ملازمة لتلك السبع، وهى كونه تعالى قادرا ومريدا وعالما ومتكلما وسميعا وبصيرا وحيا، فهذه عشرون واجبة وضدها عشرون مستحيلة، وهى العدم والحدوث وطرو العدم والمماثلة للحوادث، وأن لا يكون قائما بنفسه، وأن لا يكون واحدا، والعجز وإيجاد شيء من العالم مع كراهته لوجوده، والجهل وما في معناه بمعلوم ما، والموت والصمم والعمى والبكم، وكونه عاجزا وكارها وجاهلا وميتا وأصم وأعمى وأبكم، والجائز في حقه تعالى صفة واحدة وهى فعل كل ممكن وتركه، فهذه أحد وأربعون عقيدة واجبة لله تعالى. وأما الرسل فيجب في حقهم الصدق والأمانة وتبليغ ما أمروا بإبلاغه للخلق، ويستحيل في حقهم عليهم الصلاة والسلام أضداد هذه الصفات وهى الكذب والخيانة بفعل شيء مما نهى عنه نهي تحريم أو كراهة وكتمان شيء مما أمروا بتبليغه للخلق، ويجوز في حقهم عليهم الصلاة والسلام ما هو من الأعراض البشرية التي لا تؤدي إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>