للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العاشر شراب يتخذ من قشر البن يسمى بالقهوة، وطال الاختلاف فيه حلا وطهارة وضدهما، فمن مفرط يفتي بالإسكار والنجاسة نظرا إلى أنها تورث نشاطا وطراوة تؤثر في البدن عند تركها، ومن مفرط يفتي بأن بأن شربها قربة فضلا عن الحل والطهارة نظرا إلى أنها تزيل ما في النفس من فتور وكسل وتعين على السهر والعبادة، والحق في ذلك أنه لا إسكار فيها ولا تخدير، والحاصل بعد كلام طويل أن ذاتها مباحة ما لم يقترن بها عارض يقتضي التحريم كإدارتها على هيئة الخمر المخصوص بها مجرد الإدارة فإنها لا حرمة فيها، فقد أدار النبي صلى الله عليه وسلم اللبن على أصحابه وكاستعمال مخدر معها، ولكن إذا قصدت للإعانة على قربة كانت قربة أو على مباح كانت مباحة أو على مكروه كانت مكروهة أو على حرام كانت حراما وحينئذ فتأتي فيها الأحكام الخمسة.

وذكر بعض المتأخرين من البلغاء في ذلك كلاما طويلا خلاصته: وأما القهوة فخلاصة القول فيها أنها من الجائز تناوله مباح شربه كسائر المباحات مثل اللبن والعسل ونحوهما لدخولها في قوله تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه} الآية. ولا التفات إلى من ادعى تحريمها فدعواه في ذلك أوهى من بيت العنكبوت.

وذكر الأطباء إن شرب القهوة يطرد النوم والفتور والكسل ويعين على ما يريده شاربها مما يتعلق بالعبادة كذكر وقراءة قرآن واشتغال بالعلم وتهجد وغير ذلك، وأن منافعها لا تحصى وفضائلها لا تستقصى منها أنها تذهب البلغم وتمنع القيء والعي والرطوبة وتقطع البواسير وتطرد الريح وتذهب القولنج والصداع وتهضم الطعام وتنبه الشهوة للغذاء وتمنع بعض أنواع الرمد وتذهب الجرب من الجفن وتمنع الأبخرة الرديئة المتصاعدة إلى الدماغ، ولأجل ذلك كانت معينة على السهر وتصفي الحواس من الكدر.

قال بعض البلغاء: وأحسن ما فيها اجتماع الإخوان والمحبين على شربها خصوصا مع المروءة والصفاء والمحادثة بما فيه رضى الله تعالى، والله تعالى أعلم.

[مطلب ما مقدار سعة الأرض إلخ]

(سئل) ما مقدار سعة الأرض وكم عدد أقاليمها؟

(أجاب) ذكر الإمام فخر الدين أن طول الأرض ما بين المشرق والمغرب وعرضها ما بين الشمال والجنوب لأن الذي جهة مطلع سهيل يسمى جنوبا والمقابل له يسمى شمالا والمشرق والمغرب معلوما، وقد اختلف أهل الهيئة والفلاسفة في مقدار الأرض ففي المسالك للبكري: إن الأرض كلها مسيرة خمسمائة عام ثلث عمران وثلث بحار وثلث براري غير مسكونة. وفي رواية مسيرة ما بين أقصى الدنيا إلى أدناها مسيرة خمسمائة سنة مائتان من ذلك في البحر ومائتان ليس يسكنها أحد وثمانون فيه يأجوج ومأجوج وعشرون فيه سائر الخلق ذكره في الخريدة.

وفي عين الأخبار

<<  <  ج: ص:  >  >>