للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنهما - أنه قال: تمد الأرض مد الأديم ويزاد في سعتها والله تعالى أعلم.

[مطلب في قوله تعالى: {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه}.]

(سئل) عن معنى قوله تعالى: {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين}؟.

(أجاب) قال سعيد بن جبير: ما كان في غير إسراف ولا تقتير فهو يخلفه.

وقال الكلبي: ما تصدقتم من صدقة وأنفقتم في الخير من نفقة فهو يخلفه على المنفق إما أن يعجله له في الدنيا وإما أن يدخره له في الآخرة {وهو خير الرازقين}: خير من يعطي ويرزق.

وروي عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا ".

وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أنه قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل معروف صدقة، وكل ما أنفق الرجل على نفسه وأهله كتب الله له به صدقة، وما وقى الرجل به عرضه كتب له به صدقة، قلت: ما معنى "ما وقى"؟ قال: ما أعطى الشاعر وذا اللسان المنتضئ، وما أنفق المؤمن من نفقة فعلى الله خلفها ضامنا إلا ما كان من نفقة في بنيان أو في معصية الله عز وجل والله تعالى أعلم.

[مطلب في قوله تعالى: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت}.]

(سئل) عن قوله تعالى: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل} الآية فهل كان للبيت رسوم؟.

(أجاب) قيل: لما أهبط الله تعالى آدم إلى الأرض استوحش فشكا إلى الله تعالى، فأنزل الله تعالى البيت المعمور، وهو ياقوتة من يواقيت الجنة، له بابان من زمرد أخضر، وقال: يا آدم إني أهبت لك بيتا تطوف به كما يطاف حول عرشي، وأنزل الله تعالى عليه الحجر الأسود، وكان أبيض فاسود من مس الحيض في الجاهلية، فتوجه آدم من الهند ماشيا إلى مكة، وأرسل الله تعالى إليه ملكا يدله على البيت فحج آدم البيت، وأقام المناسك، فلما فرغ تلقته الملائكة وقالوا له: بر حجك يا آدم، لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام، قال ابن عباس: حج آدم أربعين حجة من الهند إلى مكة على رجليه، فكان على ذلك إلى أيام الطوفان، فرفعه الله تعالى إلى السماء الرابعة وهو البيت المعمور، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه، وبعث الله تعالى جبريل فوضع الحجر الأسود في جبل أبي قبيس صيانة له من الغرق، فكان موضع البيت خاليا إلى زمن إبراهيم، ولما أراد إبراهيم عليه السلام بناءه، بعث الله تعالى سحابة على قدر الكعبة ونودي منها: ابن على قدر ظلها، لا تزد ولا تنقص. قال ابن عباس: بنى إبراهيم البيت من خمسة أجبل من طور سيناء وطور زيتا ولبنان جبل بالشام، والجودي جبل بالجزيرة، وبنى قواعده من حراء جبل بمكة، فلما انتهى إبراهيم إلى موضع الحجر الأسود قال لإسماعيل: ائتني بحجر حسن يكون للناس علما فأتاه بحجر، فقال: ائتني بأحسن منه، فمضى إسماعيل ليطلب حجرا أحسن منه، فصاح أبو

<<  <  ج: ص:  >  >>