للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والري والولد يحصل عقب الأكل والشرب والجماع، فلهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: أجملوا؛ إيذانا بأنه وإن كان هو الرزاق لكنه قدر حصوله بنوع سعي ورفق وحالة من الطلب جميلة، والله أعلم.

[مطلب أحب البلاد إلى الله تعالى مساجدها الخ]

(سئل) عن قوله - صلى الله عليه وسلم - «أحب البلاد إلى الله مساجدها وأبغض البلاد إلى الله أسواقها» ما معنى ذلك؟.

(أجاب) أما المساجد فلأنها بيوت الطاعة وأساس التقوى ومحل تنزلات الرحمة، وأما الأسواق لأنها مواطن الغفلة والحرص والغش والفتن والطمع والخيانة، والإيمان الكاذبة والأغراض العامة القاطعة عن الله تعالى. وقال الطيبي: تسمية المساجد والأسواق بالبلاد خصوصا تلميح إلى قوله تعالى: {والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا} وذلك أن وراد المساجد رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وقصاد الأسواق شياطين الجن والإنس من الغفلة والشدة والحرص، وذلك لا يزيد إلا بعدا من الله تعالى، اللهم إلا من يغدو إلى طلب الحلال الذي يصون به دينه وعرضه، {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه} وقال جمع: المراد بمحبة المساجد ما يقع فيها من القرب، وببغض الأسواق بغض ما يقع فيها من المعاصي، مع ما غلب على أهلها من استيلاء الغفلة على قلوبهم وشغل حواسهم بما وضع لهم من التدبير، فإليه ينظرون وإليه يطلبون، والأسواق معدن النوال ومظان الأرزاق والأفضال، وهي مملكة وضعها الله تعالى لأهل الدنيا يتداولون فيها، لكن أهل الغفلة إذا دخلوها تعلقت قلوبهم بهذه الأسباب، فاتخذوها دولا، فصارت عليهم فتنة، فكانت أبغض البقاع من هذه الجهات، وإلا فالسوق رحمة من الله تعالى، جعله معاشا لخلقه يذر عليهم أرزاقهم فيها، ولو لم تكن ذلك لاحتاج كل منا إلى تعلم جميع الحرف والترحال إلى البلاد ليلا ونهارا، فوضع السوق نعمة، وأهل الغفلة صدوا عن هذه الرحمة ودنسوا أنفسهم بتعاطي الخطايا فصارت عليهم نقمة، وأما أهل اليقين فهم وإن دخلوها فقلوبهم معلقة بتدبير الله تعالى، فسلموا من فتنها، ومن ثم كان المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يدخل السوق ويشتري ويبيع، والله تعالى أعلم.

[مطلب اللبن أفضل أو اللحم الخ]

(سئل) أيما أفضل اللبن أم اللحم؟ وهل الزيت أفضل من السمن أو بالعكس؟.

(أجاب) اللبن أفضل من اللحم لأن اللبن منشأ الإنسان ونحوه من الحيوانات، ولا يعيش الشخص بدونه، وأنه - صلى الله عليه وسلم - ليلة الإسراء لما أتى له جبريل بقدح من خمر وقدح من لبن فأخذ اللبن. وفي رواية أن اللحم أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: سيد الطعام اللحم. والزيت الطيب أفضل من السمن؛ لأنه مبارك ويخرج من شجرة مباركة، والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>