للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال قوم: نجباء الرسل المذكورون في سورة الأنعام وهم ثمانية عشر؛ لقوله تعالى بعد ذكرهم: {أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده} وقال الكلبي: هم الذين أمروا بالجهاد وأظهروا المكاشفة مع أعداء الدين، وقيل: هم ستة: نوح وهود وصالح ولوط وشعيب وموسى، وهم المذكورون على النسق في سورة الأعراف والشعراء. وقال مقاتل: هم ستة: نوح صبر على أذى قومه، وإبراهيم صبر على النار، وإسحاق صبر على الذبح، ويعقوب صبر على فقد ولده وذهاب بصره، ويوسف صبر في البئر والسجن، وأيوب صبر على الضر. وقال ابن عباس وقتادة: هم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى أصحاب الشرائع، فهم مع محمد - صلى الله عليه وسلم - خمسة، والله تعالى أعلم.

[مطلب في قوله تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى}.]

(سئل) عن قوله تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل} الآية، ما معنى ذلك؟

(أجاب) قال ابن عباس رضي الله عنهما: [نزلت هذه الآية في ثابت بن قيس لما قال للرجل الذي لم يفسح له: ابن فلانة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من الذاكر فلانة؟ فقال ثابت: أنا يا رسول الله، فقال: انظر في وجوه القوم، فنظر فقال: ما رأيت يا ثابت؟ قال: رأيت أبيض وأحمر وأسود، قال: فإنك لا تفضلهم إلا في الدين، فنزلت في ثابت هذه الآية. وقال مقاتل: لما كان يوم فتح مكة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا حتى علا ظهر الكعبة وأذن، فقال عتاب بن أسد بن أبي العاص: الحمد لله الذي قبض أبي حتى لم ير هذا اليوم.

وقال الحارث بن هشام: أما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود مؤذنا، وقال سهيل بن عمر: إن يرد الله شيئا، وقال أبو سفيان: إني لا أقول شيئا أخاف أن يخبر به رب السماء، فأتى جبريل، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قالوا فدعاهم وسألهم عما قالوا فأقروا، فأنزل الله عز وجل هذه الآية، وزجرهم عن التفاخر بالأنساب والتكاثر بالأموال والازدراء بالفقراء فقال: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى} يعني آدم وحواء أي أنكم متساوون في النسب {وجعلناكم شعوبا} جمع شعب بفتح الشين، وهي رءوس القبائل مثل ربيعة ومضر والأوس والخزرج، سموا شعوبا لتشعبهم واجتماعهم كشعب أغصان الشجرة.

والقبائل: هي دون الشعوب واحدتها قبيلة وهي كبكر وربيعة وتميم من مضر دون القبائل، العمائر واحدها عمارة بفتح العين، ودون العمائر البطون، ودون البطون الأفخاذ، ثم الفصائل ثم العشائر، وقيل: الشعوب من العجم والقبائل من العرب والأسباط من بني إسرائيل.

وقال أبو روق: الشعوب: الذين لا ينتسبون إلى أحد بل إلى المدائن والقرى، والقبائل: العرب الذين ينتسبون إلى آبائهم، فأخبر الله سبحانه وتعالى أن أرفعهم منزلة عنده أتقاهم، روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: الحسب المال، والكرم

<<  <  ج: ص:  >  >>