للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أبينة الجار، ثم قال ابن حجر: والحاصل منع ما يضر الملك دون المالك أي يضر ضررا على خلاف المعتاد، وأما المعتاد وإن أضر بالملك فلا يمنع فالتفصيل في ضرر الملك، وأما ضرر المالك بالدق والرائحة الكريهة كرائحة المدبغة فلا يمنع المالك، نعم إن جرت العادة بإزالة القذرات المضرة فالقياس أن يؤمر صاحب المعصرة أو المستأجر لها بإزالة ذلك، وأما المنع من الشغل بها والدق ووضع الكوة على العادة فلا يمنع منه، والله تعالى أعلم.

[مطلب: في قطعة أرض كانت تحت يد جماعة إلخ.]

(سئل) في قطعة أرض كانت تحت يد جماعة متصرفين فيها مدة طويلة بموجب الإذن لهم من المتصرف في الأرض رفعوا أيديهم عنها بموجب تمسكات شرعية، وهذه الأرض من جملة أراضي بيت المال المسمى الآن ميريا من أراضي يافا حرسها الله تعالى، أقطع مولانا السلطان نصره الديان رجلا يقال له حسن أغا هذه الأرض بالتصرف في هذه الأراضي وضبط معلومها والإذن للزراع وغيرهم بما فيه المصلحة المسمى ذلك عندهم مالكانا، فأذن لجماعة كثيرين ما بين زارع وغارس وبان فيها كل ذلك بحسب المصلحة وعمارة المحل المعروف، فعمر الناس بها وغرسوا وبنوا بموجب ما معهم من التمسكات الشرعية، ومن جملة ذلك الأرض المذكورة التي رفع الجماعة أيديهم عنها، فأذن حسن أغا وأقطع رجلا هذه الأرض ليبني بها مصبنة وكتب له بذلك تمكسا وعمل عليه مالا معلوما يؤديه كل سنة لمن يكون متكلما على ولاية يافا بالإذن الشريف، والحس والعيان شاهدان بأن في ذلك مصلحة كلية لبيت المال، فهل ما وقع من حسن أغا المذكور صحيح شرعا يجب العمل به ولا يجوز لأحد أن يعارض ذلك وقد بنى الرجل المأذون له من حسن أغا المصبنة المذكورة، فهل لأحد أن يعارضه في البناء المذكور وفي عمل الصابون بها أم كيف الحال؟

(أجاب) اعلم وفقك الله أن الله تعالى أقطع نبيه أرض الدنيا ليقطع منها ما شاء كأرض الجنة، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يقطع من الأرض وإن لم يفتحها ما شاء كما وقع ذلك لتميم الداري رضي الله عنه ومن معه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعهم قدرا من أرض الشام ولم يكن صلى الله عليه وسلم فتح الشام وأمضى لهم ذلك الصديق وتبعه الخلفاء الراشدون والسلاطين المهتدون فيقطعون من الأرض التي لبيت المال من شاء وما شاء، وإثم الإقطاع قسمان: إقطاع إرفاق، وإقطاع تمليك وهو قسمان خال عن العوض يقطعه السلطان لمن أراد من المؤمنين بحسب المصلحة واجتهاده، وإقطاع بعوض إما حالا وإما مؤجلا بحسب المصلحة كما وقع لجناب أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما فتح سواد العراق عنوة قسمها بين الغانمين، ثم بذلوه لعمر رضي الله

<<  <  ج: ص:  >  >>