لم يفارقوه بحيث يقع التمليك في غيبتهم، وكانوا صاغين لجميع ما وقع فطنين حاذقين لا ينسبون للغفلة فتعارض البينتان فلا يعمل بهما، فيرجع الحال للأولاد فإن كانوا فقراء لا يملكون حال الصداق فعقد الأب على البكر بالإجبار والحال ما ذكر باطل؛ قال ابن حجر: ولو زاد بعض الحاضرين أي على بعض صفة للمجلس قبل إلا إن احتفت القرائن الظاهرة على أن البقية ضابطون له من أوله إلى آخره وقالوا: لم نسمعها مع الإصغاء إلى جميع ما وقع، وكان مثلهم لا ينسب للغفلة في ذلك فحينئذ يقع التعارض كما هو ظاهر؛ لأن المحصور يعارض الإثبات الجزئي كما صرحوا به وإن علم بطلان العقد، وثبت ما ذكر فلا يطالب الأولاد ولا الوالد بشيء لما علم، والله تعالى أعلم.
[مطلب في رجل له على جماعة دين فأفلسوا إلخ]
(سئل) في رجل له على جماعة دين فأفلسوا ولم يجدوا سدادا إلا بيتا لهم فباعوه له بالدين، ثم مكثوا مدة نحو عشرين سنة، فادعى بعضهم أنه كان قاصرا فطلب منهم الرجل دينه ويتركه لهم فما قدروا عليه، ثم وقع منهم بيع ثانيا بشهود تشهد بذلك، ثم مات المشتري وترك أولادا والبائعون يدعون أن البيت رهن، فهل بينة الشراء تقدم على بينة الرهن؟
(أجاب) تقدم بينة البيع؛ لأن معها زيادة علم، ولا تنافي بينة الرهن لو قامت لما علم أن بينة البيع تقدم، والله تعالى أعلم.
[مطلب في رجل من أهل قرية صار عليه ضيم فرحل إلخ]
(سئل) في رجل من أهل قرية صار عليه ضيم فرحل إلى قرية أخرى، ثم اعتدل حاله فرجع إلى قريته وله فيها أراضي وأشجار ومزارع وغير ذلك فوجد رجلا من أهل القرية قد وضع يده على حصة من أرضه، ومعه بينة شرعية تشهد له بأن الأرض من مزارعه ومزارع آبائه وأجداده، ومعه أيضا بينة أخرى تشهد بأن أبا الواضع أقر واعترف بأنها لنوفل الخارج من البلد، فهل إذا قامت بينة يجب رفع يده عنها ويطالب بريعها؟
(أجاب) حيث حدد الرجل الأرض بحدودها الأربع، وشهدت بينة أن الأرض المذكورة المحدودة المعلومة من مزارعه ومزارع آبائه وأجداده قضي له بالأرض المذكورة، فإن أقام واضع اليد بينة أن الأرض من مزارعه ومزارع آبائه وأجداده رجحت بينة المدعي المذكور الذي كان طائحا؛ لأن ذلك اعتراف منه بغصبها، وإذا أقام كل من المتداعيين بينة رجحت بينة واضع اليد إلا إن قال المدعي: هو غصبها مني وإقرار المدعى عليه صريح في غصبها، وخروج الرجل من بلده لا يزيل يده عن أرضه؛ لقول الصديق: ولا ترفع يد الزارع عن الأرض فإن خرجوا وعادوا فهي لهم، وهم أحق بها وأولى وله ريعها مدة وضع يده، والله تعالى أعلم.
[مطلب في رجل دفع لامرأته في صداقها أرضا واستغلتها إلخ]
(سئل) في رجل دفع لامرأته في صداقها أرضا واستغلتها نحو خمس عشرة سنة، وللدافع أهل نازعوه في دفع الأرض فقال لهم على رؤوس الأشهاد: هي ملكي ودفعتها لها، ثم مات وله أقارب