لكن يتعذر استعماله باغتراف شيء منه بدلو أو نحوها إذ لا يخلو دلو، وفى نسخة: كل دلو منه، أي مما تمعط، فلينزح ما يغلب على الظن خروجه فيه، عبارة الاصل، فيستقي الماء كله ليخرج الشعر معه، فإن كانت العين فوارة وتعذر نزح الجميع نزح ما يغلب على الظن أن الشعر كله خرج معه، فإن اغترف قبل النزح ولم يتيقن فيما اغترفه شعرا لم يضر، وإن ظنه كما صرح به الأصل عملا بتقديم الأصل على الظاهر، وبهذا علم أن المراد بالتعذر فيما مر التعسر. انتهى. ولكن نحن سبرنا ذلك فوجدنا الأجزاء ترسب في أسفل الماء، فإني امتحنت بئرا بالتصفية فلم نر للشعر أثرا، فالظاهر أنا نستقي من ذلك الماء، فإن تحققنا شعرا وعينا من النجس الواقع، فإن كان عينا نحو كلب أريق الماء وغسل الدلو، وإن كان نحو كلب فلا بد من التسبيع، إحداهن بالتراب، ولكن إذا قل الماء فينبغي أن يصير نجسا لكون النجاسة في المقر، والله تعالى أعلم.
[مطلب ما القصد من الطهارة التي هي الوضوء أو الغسل الخ]
(سئل) ما القصد من الطهارة التي هي الوضوء والغسل والتيمم وإزالة النجاسة؟.
(أجاب) الطهارة لغة: النظافة والخلوص من الأدناس، حسية كانت أو معنوية، فلما كان القصد من ورود الشرع طهارة القلوب ليصلح العبد لتجلي أسرار علام الغيوب بإزالة حسدها ورياها وعجبها وغيها وضلالها وارتكاب آثامها، طلب منا طهارة ظاهرة؛ لأن طهارة الظاهر تدل على طهارة الباطن، حتى نكون في عبادتنا على طهارة حسية كالوضوء والغسل، ومعنوية كالتبري من العيوب، ولهذا قال الغزالي قدس سره أن معرفة حدود نحو العجب والرياء والكبر وعيوب النفس وعلاجها والتبري منها، فرض عين على كل مكلف. وقد يقال: إن أسبابها وهى الحدث والجنابة والنجاسة، لما كانت صادرة عن مخالفة وهى الأكل من الشجرة الناشئ عنه الحدث والشهوة طلب منا إزالة آثارها وما قاربها، والله سبحانه وتعالى أعلم.
[مطلب ما حد الطهارة الشاملة الوضوء]
(سئل) ما حد الطهارة الشاملة للوضوء والغسل والتيمم، الواجب والمندوب من ذلك؟.
(أجاب) اعلم أنها عرفت بتعاريف كثيرة وكلها لا تخلو عن نقص، ولو قيل في تعريفها بأنها فعل مطلوب شرعا على وجه مخصوص يلزمه وصف تصح معه نحو الصلاة، فيدخل في الوجه المخصوص مندوب الطهارة، لكان أسلم، والله تعالى أعلم.
حكم الفرق من الماء القليل أو المائع الخ
(سئل) عن إنسان غرف من مائع أو ماء قليل من دنين بمغرفة واحدة، فوجد في المشترك الخارج منهما فأرة أو نجاسة، فكيف الحكم؟.
(أجاب) الحكم في ذلك أنه يجتهد، فإن ظنها في الأول واتحدت المغرفة ولم تغسل بين الاغترافين، حكم بنجاستهما، وإن ظنها من الثاني أو من الأول، اختلفت المغرفة أو اتحدت، وغسلت بين الاغترافين، حكم بنجاسة ما ظنها فيه. انتهى، والله