بالله واليوم الآخر عالم بأن الشرع ما شرعه الله تعالى في كتابه القويم المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم للإعجاز بأقصر سورة من سوره، أو ما بينه محمد صلى الله عليه وسلم بالوحي المنزل عليه من السماء قال تعالى:{وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} فكل مسلم دعي لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يرض بها فهو كافر ملعون مخلد في النار يحشر مع عبدة الأوثان والأصنام، وليس له في الإسلام من نصيب؛ لأن الإيمان هو التصديق والإذعان لما علم من دين محمد صلى الله عليه وسلم، فمثل هؤلاء الذين يقع منهم مثل هذه الألفاظ، وإن وجد منهم التصديق لكن لم يوجد منهم الإذعان الذي هو عبارة عن الاستسلام والانقياد إلى جميع الأحكام الشرعية، فمن لم يذعن لها فهو كافر، وهذا النوع كان كثيرا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى:{يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله} ومع ذلك فهم كفار إجماعا، وتأمل قوله تعالى:{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} فإنك تجد هذه الآية صريحة في كفر هؤلاء الجماعة بلا شبهة، بل وكثير من العامة كذلك بل بعض أهل العلم كذلك فإنك قل أن تجد إنسانا يحكم عليه بالرجم أو بقطع اليد في السرقة إلا ويجد في نفسه حرجا وعدم تسليم، وقال الله تعالى:{أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} فلا شك أن دعائم العرب والفلاحين هي حكم الجاهلية أو مما ألقاه الشيطان لهم وزينه فلا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر العمل بها أو العدول إليها عن الشريعة الغراء المطهرة التي هي خير الشرائع.
وقد روى الحاكم عن أبي هريرة: تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله العزيز، وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض. فلا شك أن هؤلاء قد سلبوا من الدين كما تسلب الشعرة من العجين، فكيف يسوغ لعاقل أن يدعى لله ورسوله في حكم فيعدل عن ذلك الحكم إلى حكم أعرابي جهنمي أو فلاح ملعون مطرود مبعد عن الله ورسوله يحكم له برأيه فلعنة الله على هؤلاء وأحزابهم، ومن يقول بقولهم، ومن يرضى بما يرضونه فوالله لهم أخس حالا من الجاهلية؛ لأنهم كانوا معذورين لعدم وجود الشرع القويم، ولهذا لم يؤاخذهم الله تعالى قال تعالى:{وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا}. وأما بعد وجود الشرع فالناس قسمان: إما مؤمن مصدق تجري عليه الشرائع، وإما كافر معاند وهؤلاء من هذا القسم إذ لا نظر لكونهم لا ينطقون بالشهادتين، ألا ترى من ألقى مصحفا في قازورة أو علما شرعيا أو فتوى علم على الأرض مع قوله: أي شيء هذا العلم كافر وإن نطق بهما، ولا شك أن شريعة محمد صلى