الله عليه وسلم معلومة من الدين بالضرورة إذ هي الدين القويم، وقد جزم ابن السبكي بأن الحكم المجمع عليه المشهور بين الناس المنصوص عليه، ومثله المحل بحل البيع يكفر منكره على الأصح لإشعاره بالتكذيب. وقد أجمعوا على أن من أنكر ما هو معلوم من الدين كفر ووجب قتله إن لم يتب؛ لأن إنكاره يستلزم تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم فيه. والمعلوم بهذا المعنى هو ما يعرفه الخواص والعوام من غير قبول للتشكيك فالتحق بالضروريات كوجوب الصلاة والصوم وحرمة الزنا والخمر، بل قال الشهاب في قواعده: ولا يختص ذلك بالواجبات والقربات والمحرمات، بل لو حجر بعض المباحات بالضرورة كما لو قال الله تعالى لم يبح التين والعنب انتهى. فيكفر بذلك وفيه نص الأئمة على أن نافي الإسلام كلا أو بعضا كنافي بعثة محمد صلى الله عليه وسلم مخطئ آثم كافر عند الأشعرية بشرط تكليفه وبلوغه الدعوة، وعند المعتزلة بعد تأهله للنظر فقط، ولا ينفع تأويله ولا اجتهاده ويدخل في نافي الإسلام نافي ما ثبت من قواعده بدليل العقل مع دليل السمع كما في توحد الباري تعالى بالقدم بأن القدم لله لا لا ونحوها، ونافي ما ثبت بدليل السمع وحده كنا في الحشر والجزاء ونحوهما مما علم كونه ضرورة، ولا شك أن هؤلاء الطائفة نفوا الإسلام كلا أو بعضا، فهم كفار بلا مرية ولا تردد عندي في ذلك ولا لكل مسلم يعلم محاسن الشريعة الغراء ومواقع القرآن العظيم.
غاية الأمر أنه ينبه عليهم ويعرفون حكم الله تعالى في هذه العبادة الواقعة منهم فإن تأبوا ورجعوا ورضوا بحكم الله ورسوله ساروا مسلمين بذلك وإلا فهم كفار يجب على مولانا السلطان قتالهم وسلب أموالهم وتكون فيئا لبيت مال المسلمين كأموال المرتدين. وقد قال الصديق لبعض الأعراب على أقل من هذه لمرتبة وهو منعهم الزكاة، وقال: لو منعوني أعناقا كانوا يدفعونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم. وقد نص أئمتنا على أن من امتنع من إظهار شعار الصلاة يقاتل، وعبارة المنهاج مع ابن حجر: فإن لم يظهروا الشعار كما تقرر بأن امتنعوا كلهم أو بعضهم كل أهل محلة من قرية كبيرة ولم يظهروا الشعار إلا بهم قوتلوا أي قاتل الممتنعين الإمام أو نائبه لإظهار هذه الشريعة العظيمة، ويظهر على أنه لا يجوز له أن يفاجئهم بالقتال لمجرد الترك كما يومئ إليه قوله فإن امتنعوا بل حتى يأمرهم فيمتنعوا من غير تأويل أخذا مما يأتي في ترك الصلاة نفسها انتهى. وذكر ابن حجر في باب الأذان بناء على القول بأن الأذان فرض كفاية قال: وهو قوي، ومن ثم اختار جمع أنه يقاتل أهل بلدة تركوا الأذان والإقامة أو أحدهما بحيث لم يظهروا الشعار، ففي بلدة صغيرة يكفي بمحل واحد وكبيرة لا بد من محال نظير ما يأتي في الجماعة، والضابط