دعواه ذلك مع ورود الأمر السلطاني بأنه لا تسمع دعوى مضى عليها خمس عشرة سنة، وكيف الحكم الشرعي؟
(أجاب) عبارة شيخ المذهب سيدي محمد الرملي بخطه الكريم في جواب سؤال رفع له في نظير هذا السؤال مع زيادة في السؤال، وهي أن في العلو كنيفا المسمى مرتفقا حصل للعلوي منه ضرر نقلته برمته تبركا به وبخطه، ونص الجواب: لا يجوز للمتكلم على البناء السفلي إزالة البناء العلوي مع إمكان إصلاحه مع بقائه ولا إحداث حكر عليه من غير أصل شرعي ولا سد مرتفقه مع وضعه بحق، ومتى قرر السلطان نصره الله تعالى للقاضي مدة ومنعه سماع الدعوى فيما زاد عليها صار في ذلك كمعزول فلا يملك سماعها في الزيادة المذكورة، والله تعالى أعلم، وكتبه محمد بن أحمد الرملي الأنصاري الشافعي حامدا ومصليا ومسلما، وجواب عبد العال الحنفي في نظير هذا السؤال كجواب الإمام الرملي وجواب الحنبلي كذلك وجواب عبد الكريم المالكي في نظير مسألتنا كذلك فقد عملت أن المسألة مجمع عليها عند الأئمة الأربعة، الإمام الشافعي والإمام أبو حنيفة والإمام مالك والإمام أحمد رضي الله عنهم في الحكمين المذكورين، وهو أن المتكلم على السفلي لا يعارض صاحب العلوي بوجه، وأن السلطان نصره الملك الديان إذا منع القاضي فيما فوق خمس عشرة سنة أنه لا يسمع الدعوى فلم تشمل ولايته ذلك لأن القضاء يخص بالزمان والمكان والأحكام فهذا أمر مجمع عليه، ففاتحه فاتح باب فساد وضرر للعباد ووجه من الطمع يضيع ما جمع وليس من محاسن الشريعة في شيء وليس من سد الذرائع وإيضاح ما قال الأئمة المذكورون أن العلوي يحتمل أن يكون الواضع للعلوي والسفلي واحد فلا حق عنده للعلوي على السفلي، ويحتمل أن يكون متعددا، فإما أن يكون المتكلم على السفلي باع لواضع العلوي حق الوضع أو ملكه ذلك بوجه، وإن كان أحدهما وقف وهو السفلي أن يكون واضع العلوي استبدل حق الوضع عليه عند من يراه بما قابله من بناء أو غيره أو استأجره إجارة طويلة أو تملكه بوجه من وجوه التملك فإذا طرق المسألة هذه الاحتمالات سقط وجه الطمع للطامع وعملنا بالحق للجامع، وهو أن الأصل براءة ذمة صاحب العلو، فإن قلت للأصل عدم ضياع حق السفلي قلت هذا الأصل ضعف بما طرقه من الاحتمالات وضعف أيضا بمضي هذه المدة الطويلة الدالة على براءة الذمة من غير طلب ولا معارض بخلاف الأصل الذي ذكرناه، فإنه لم يعارض بمعارض أصلا وضم باب الفساد رحمة للعباد ودفع للعناد من حاضر وباد، والله أعلم.