للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تشهدان الكرم بعينه وقف فلان وقفه وهو يملكه، وهل إذا أبرز مدعي الوقف شرط واقف وادعى أنه شرط صحيح، وهذا الكرم ذكر فيه يثبت بمجرد ذكره، وكل ذلك بحكم حكام وتمسكات شرعية وتداول اليد وتصرف تام، وهل يجوز فتح باب بين المسلمين فيه خصومات ومنازعات تؤول إلى الضرر والإفساد والتزوير، أم كيف الحال؟.

(أجاب) اعلم يا من يريد جمع كلمة الإسلام ودفع القيل والقال بين الأنام أن وضع اليد من أقوى الحجج الشرعية، وعليه يعول علماء البرية، ولو طلب من الناس إثبات ما بأيديهم من الملك إلى البيان لأدى ذلك إلى عجز كثير من الناس، بل أكثرهم عن إثبات ملك ما بيده، فلو رأينا مع رجل كيس ذهب أو جواهر أخرجها من البحر، فأي شاهد نزل عليه بعد محمد - صلى الله عليه وسلم - وحي من السماء، أو كان مع من هي بيده في قعر بحر الظلمات حتى يشاهده تملكها، فكل من يده على شيء موضوعة دالة له على الملك حاكمة به له، فلا يطلب من المدعى عليه بينة، فطلبها منه مخالف لقول الصادق المصدوق، والتصرف أيضا ودفع الحكر على الأرض من أقوى الأدلة، عدم معارضة المدعى ومن قبله من المستحقين دليل حق اليقين على عدم صحة دعواه، والبيع المتعدد المذكور وحكم الموالي به المشهور هو الدليل على قولنا المنصور، وتعاقب الأيام والشهور والأزمان والدهور مع عدم المعارضة من أقوى الظهور لمن أذعن بالحق المشكور، وبه علم أن تكليف الناس إلى إثبات ما بأيديهم لم يقل به أحد من علماء الأمة أيدهم الغفور، ولا ريب في الدين القويم أن مدعي الوقف يحتاج إلى البينة العارفة العادلة المؤمنة بقول الله تعالى {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا ولو كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين} ولا بد من بيان حدود الكرم الأربعة في الدعوى وشهادة الشاهد على الحدود والوقف، واستمرار ذلك وقفا من زمن الواقف إلى هذا الزمن؛ لاحتمال إبطال الوقف بوجه من الوجوه أو شرط من الشروط، كأن شرط الواقف في وقفه أنه يباع أو أن له الإدخال والإخراج عند من يقول به، ثم حكم بذلك حاكم رفع به الخلاف؛ لأن يد واضع اليد مع التصرف المذكور من أقوى الأدلة، فلا يزيله إلا ما هو أقوى منها، فحرروا الدعوى والشهود والمرجع إلى الرب المعبود.

(وأجاب) شيخ الإسلام السيد محمد علي كنار، الفتوى من ممد الكون أستمد التوفيق والعون، ما أجاب به مولانا عين المذهب، فإليه نذهب ولا نعلم خلافا بين أئمتنا الحنفية في ذلك؛ لأن من أقوى الأدلة والحجج وضع اليد، وأطبقت علماؤنا جميعا أنه لا يكلف واضع اليد

<<  <  ج: ص:  >  >>