لو شهد الشريك لشريكه بينوا لنا الصور التي لا تصح فيها الشهادة والتي تصح، فإن في شرح الروض كلاما لشيخ الإسلام زكريا وإيرادا للزركشي، وإشكالا لصاحب المطلب، وقد نقل في المتن تفصيلا، بينوا لنا الراجح من ذلك، فإن المقام فيه حقا؟
(أجاب) اعلم أن الشاهد متى صرح بالشركة في المشهود به عينا كان أو دينا، أو علم الحاكم أنه شريك فيه، ومثله المحكم، أو قال: هذا المشهود به لنا أو بيننا، أو كان يلزم من شهادته به عود شيء من المشهود به له، كأن قال المدعي في دعواه أن زيدا أقر لنا بكذا مما هو معين كالحيوان والدار والمتاع، أو أوصى لنا به، أو هو ميراث لنا، وشهد الشاهد بأن هذا لي ولزيد، أو لزيد ولي، فلا تقبل شهادته لوجود التهمة وعدم النفع له، فإن كان قال: لزيد ولي، فيصح لزيد لا له بالشرط السابق، وعبارة ابن حجر وشريكه أي: ترد شهادته لشريكه بالمشترك.
لكن إن قال لنا أو قال بيننا، أي مثلا بخلاف ما إذا قال لزيد ولي، فيصح لزيد لا له، وشرط تقدم الصحيح، كما مر في تفريق الصفقة، وأن لا يعود له شيء مما ثبت لزيد كوارثين لم يقبضا، فإن ما ثبت لأحدهما يشاركه فيه الآخر. انتهى.
فتأمل قوله: كوارثين، وقوله: يشارك فيه الآخر، فإن كل شيء فصل فيه الشاهد، وكان يلزم منه أن ما ثبت له يشاركه فيه الآخر المدعي لا تقبل فيه الشهادة لواحد منهما، وقوله: وشرطه تقدم. إلخ، خولف فيه فيما مر.
وعبارة الروض مع شرحه لشيخ الإسلام ملخصا ما ذكره في الشرح بعد ما استظهره الزركشي واستشكله في المطلب تقييد ما أطلقه الأصحاب من قولهم: شهادة الشريك لشريكه فيما هو شريك فيه لا تقبل، أي: إن لم يقل لي ولزيد.
ثم إن قال ذلك يشترط شرطان على كلام ابن حجر: أن لا يعود للشاهد شيء من المشهود به، كالمقر به لهما والموروث لهما، وأن يقدم الصحيح كأن يقول لزيد ولي، على ما تقدم له في تفريق الصفقة، ولهذا قال شيخ الإسلام: والأحسن أن يقال: وإن كان ما شهد به لشريكه يستلزم حصول شيء فيه لم تسمع شهادته، وعليه ينزل إطلاق الأصحاب وإلا سمعت، وعليه ينزل كلام الرافعي ومن تبعه هذا حاصل ما لهم هنا.
وحاصله أن الشهادة في المشترك ترد مطلقا إلا إذا قال: لزيد ولي، ولم يستلزم عود شيء من المشهود به للشاهد، وقدم ما يصح على كلام ابن حجر، وقد ينظر فيما قالوه من الصحة فيما إذا قال: لزيد ولي، فقد أبهم حصة زيد، وباب الشهادة مبني على التحقيق؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:"على مثلها- أي: الشمس- فاشهد" فإن النسبة صادقة بمساواة زيد في الحصة ونقصه وزيادته فوقع الإيهام وإن كان في غير باب الشهادة حمل على النصف لما علم، إلا أن يحمل كلامهم على ما إذا علمت الحصة بالصريح أو بالقرينة، والله أعلم.