لأنهم صم بكم عمي فهم لا يعقلون فعلم التصوف علم نفيس شريف أحكم أساسه، وعلا في الخافقين رأسه وعظم في المشارق والمغارب نبراسه، ولكن بعزته عند أهله وعلو قدره وفضله قد ترجم عن أصوله ومبادئه وغوامض معارفه ومبانيه بعبارات خفيات وإشارات دقيقات فهو كعلم الكيمياء، فأين المتقنون مع كثرة كتبه ومتعاطيه، وكم من زغلي وخسيس علته كامنة وما ظفر بما يعنيه. وهؤلاء المتصوفة في هذا الزمن مثلهم من يتعاطى الزيف والزغل فيقع في الباطل والزلل، وهنا أصل ضل عنه جميع متصوفة هذا الزمن فحل بهم الوبار والوهن وهو إتقان ظاهر الشريعة الذي عليه الفقهاء، فهذا لا بد منه لكل صوفي وغيره، ولا يخرج عنه إلا كل مبتدع وضال بل كافر؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان يحكم بالظاهر المناسب للعام والخاص والعرب والعجم والألكن والفصيح. وأما الذي عليه الصوفية من الدقة والغموض والغوص على المعاني البديعة الأحوال الرفيعة الناشئ عنها الجد والاجتهاد، والقيام على قدم السداد والصوم والسهر وإتعاب النفس وقهر الشيطان والقيام بما يرضي الرحمن، وقد قال ابن زروق في قواعد الصوفية: للفقيه أن يعترض على الصوفي كما ذكر، وليس للصوفي أن يعترض على الفقيه؛ لأن الذي هو عليه هو المطالب به العامة والخاصة، ثم ظهر زنادقة أرادوا أن يقتفوا أولئك الأعلام فضلوا عن الطريق القويم، وحادوا عن الصراط المستقيم فركبوا متن عميا وخبطوا خبط عشوا فضلوا وأضلوا، فهل سمعت أو نقل إليك عن أجل ممن يقتدى به في التصوف استحلال محرم أو استباحة محظورا، وأنه ادعى العصمة فأبو الحسن الشاذلي قدس سره يقول: نسألك العصمة في الحركات والسكنات والكلمات والإرادات فها هو سبيل العصمة ولم يدعها، ومع ذلك أعترض عليه بأن لا تكون إلا للأنبياء فأجيب عنه بأن سؤالها بمعنى عدم الوقوع مع جوازه لا بمعنى امتناع الوقوع؛ لأنه لا يكون إلا للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأما صوم العيدين وأيام التشريق فيدل على جهله وربما جره ذلك إلى الكفر لورود النهي في الصحيحين وغيرهما عن صوم العيدين؛ لأنه أعراض عن ضيافة الله تعالى والنهي في صوم التشريق في خبر أبي داود بإسناد صحيح فمن صام هذه الأيام فهو آثم مخطئ مخالف لما عليه إجماع المسلمين الذي هو حجة اتفاقا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا تجتمع أمتي على ضلالة". ولا يصح الصوم المذكور عند الإمام الشافعي رضي الله عنه وإن كان يصح عند أبي حنيفة رضي الله عنه لكنه يأثم عند الصائم لما مر.
والأوراد المخالفة للكتاب والسنة لا يجوز استعمالها، ولا يجوز الخروج على النساء