للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ذم أو مدح؟

(أجاب) لا ريب أن النساء شقائق الرجال، وما ورد عن الشارع أمر ونهي إلا والرجال والنساء فيه مشتركون إلا ما كان مما اختص به الرجال من أمر المناصب والجهاد وغير ذلك، وما اختص به النساء من أمر الحيض والنفاث والولادة ونحوها، فمن عمل صالحا وصام وصلى وحج البيت وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وأدى ما عليه من الزكاة فهو من أهل الجنة من رجل وامرأة، ومن أعرض عن ذلك كله فهو من أهل النار من رجل وامرأة.

نعم الرجال فضلوا على النساء بأمور من كون الرجل له في الميراث مثلا ما للمرأة ويلي الناصب وحكم المرأة بيده؛ قال الله تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض} وكم في النساء من امرأة توازن ألوفا من الرجال كمريم بنت عمران وآسيه امرأة فرعون وخديجة وبنتها فاطمة وعائشة وصفية وسائر سائر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم والسيدة سارة ورابعة العدوية وغير ذلك، وكم من الرجال لا يعادله جميع النساء ولا جميع الرجال كسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإبراهيم وموسى وعيسى ونوح وغيرهم؛ روينا في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما من نفسك فوعدهن يوما لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن، فكان فيما قال لهن: "ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها إلا كانوا لها حجابا من النار" فقالت امرأته: واثنين؟ فقال: "واثنين -وفي رواية واحد- فقال: أو واحد".

وعن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إلا أخبركم برجالكم في الجنة؟ قلنا: بلى يا رسول الله فقال: النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، والصديق في الجنة، والرجل يزور أخاه في ناحبة مصر لا يزوروه إلا لله في الجنة، ألا أخبركم بنساء في الجنة؟ قلنا: بلى يا رسول الله قال: كل ودود ولود إذا عفيت أو أوسي+ إليها أو غضب زوجها قالت: هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى".

ويؤيد هذا الحديث ما رويناه عن بعض ثقاة أهل الروم وهو أنه وقع في إسلامبول حريق قبل هذا الحريق وكان في القدس قاضيا يقال له عمر أفندي كان سنة ألف ١١٢٥ والحريق سنة ١١٢٤ فأخبرني جوخداره أنه لما وقع الحريق هرع جميع الناس حتى الوزير الأعظم فجاء إلى باب دار امرأة وأمروها بالفتح

لطفي

النار عنها وعن غيرها فامتنعت وأغلظت عليهم بالترك فتركوها فاحترق جميع ما حولها إلا بيتها لم يحترق منه ولا قلامة ظفر فاعتقدها الوزير وأهل إسلامبول جمعا فأرسل لها الوزير كم من بغل محمل من الخير فامتنعت فقالت لهم في الجواب: أنا لو قبلت مالكم حرقت مثلكم فرجعوا وأخبروا الوزير بذلك فقال: لا بئس ولكن اذهبوا واسألوها

<<  <  ج: ص:  >  >>