ويصومون ويصلون ويحجون وينكحون ولا ينكر ذلك إلا من ابتلي بالحرمان، واستحوذ عليه الشيطان فكم ذكر ذلك من العلماء والأعلام أئمة الإسلام كما في الشفا للقاضي عياض وشروحه المواهب اللدنية والسير النبوية والخصائص وغير ذلك، ولهذا الرجل أقاويل كلها باطلة مخالفة للكتاب والسنة وإجماع الأمة، بل ولكلام أهل المعاني والبيان ولنصوص الفقهاء والمحدثين والأئمة المعتبرين حتى إنه يخالف اللغة وعلومها وهو أعجمي أبكم، فهل سمعتم أن الدين جاءنا من أزرون أو قرآن أو غيرهما، فإذا كان يضلل أهل العرب الذين نقلوا الدين ودونوه، فمن أين جاء له هو الدين؟! هل تخطى بلاد العرب سيد الرسل وعلمه الدين وترك العرب؟! فهذه بلاد الإسلام مصر والشام والحجاز والعراق والروم والهند والأزبك والداغستان والأكراد والأعراف والغرب والشرق فما منهم أحد معتقد هذه الأمور التي يقولها، بل حتى الأرفاض والمعتزلة والكرامية والشيعة، بل حتى اليهود والنصارى فإنهم يعظمون إبراهيم وموسى عليهم الصلاة والسلام، وهو يريد هدم أماكنهم هدمه الله تعالى وقبحه أما علم أن مسجد إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام كان موجودا في زمنه صلى الله عليه وسلم، ومر به ليلة الإسرى وصلى فيه، وأمره جبريل بالنزول فنزل وهو صلى الله عليه وسلم لا يقر على منكر وكيف يكون منكرا وسليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام هو الباني له، ومر عليه قرون من الصحابة والعلماء والأولياء والأتقياء والصلحاء فما سمع من أحد الإنكار والاعتراض، فهل يسوغ لهذا التكلم بذلك القبيح، بل سمعناه عنه لما قدم له بعض الصالحين زبيبا من مدينة السيد الخليل، وقال له: كل من بركة الخليل فقال: لا تقل ذلك؛ فإن الخليل لا بركة له لانقطاعها بالموت؛ وقد قال الله تعالى:{وباركنا عليه وعلى إسحاق} وقال صلى الله عليه وسلم: كما باركت على إبراهيم حتى ولو وضعنا الحجارة في هذه الديار بالبركة لا حرج.
قال تعالى:{الذي باركنا حوله} وقال تعالى: {إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين} وقال تعالى: {وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها} وقال تعالى: {ولسليمان الريح تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها} وبذلك تعلم أنه جاهل أبكم لا يسمع ولا يبصر ولا يعلم ولا يدري ولا يعقل، وإنما قصده لا غراب بما هو باطل في كل باب، ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ثم الحق أن كرامات الأولياء وتصرفهم ثابت لا ينقطع بعد الموت ولا قبله لأمور: منها ما نقل من كراماتهم حتى بلغ التواتر المعنوي الذي لا يسع لأحد من الناس إنكاره وذلك أن العلماء من أهل الأصول جعل التواتر المفيد للعلم قسمين أحدهما تواتر لفظي، والثاني تواتر معنوي