من الخمسة أبدل الله تعالى مكانه من السبعة، وإذا مات من السبعة أبدل الله مكانه من الأربعين، وإذا مات من الأربعين أبدل الله مكانه من الثلاثمائة، وإذا مات من الثلاثمائة أبدل الله مكانه من العامة فبهم يحيي ويميت ويمطر وينبت ويدفع البلاء وقيل لعبد الله بن مسعود: كيف بهم يحيي ويميت؟ قال: لأنهم يسألون الله تعالى كسائر الأمم فيكثرون ويدعون على الجبابرة فيموتون، ويستسقون فيسقون، ويسألون فتنبت الأرض، ويدعون فيدفع بهم أنواع البلاء. وقال بعضهم: لم يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أحدا على قلبه؛ لأنه لم يخلق الله تعالى في عالم الخلق ولأمم أعذ والطف وأشرف من قلبه صلى الله عليه وسلم فقلوب الأنبياء والملائكة والأولياء بالإضافة إلى قلبه صلى الله عليه وسلم كإضافة سائر الكوكب إلى كامل الشمس.
وروى الخطيب عن طريق عبيد الله بن محمد العبسي قال: سمعت الكناني يقول: النقباء ثلاثمائة والنجباء سبعون والأبدال أربعون والأخيار سبعة والعمد أربعة والغوث واحد، فمسكن النقباء المغرب، ومسكن النجباء مصر، ومسكن الأبدال الشام، والأخيار سياحون في الأرض، والعمد في زوايا الأرض، ومسكن الغوث مكة، فإذا عرضت الحاجة من أمر العامة ابتهل فيها النقباء، ثم النجباء، ثم الأبدال، ثم الأخيار، ثم العمد، فإن أجيبوا وإلا ابتهل الغوث فلا تتم مسألته حتى تجاب دعوته.
وقال بعض العارفين: الصالحون كثير مخالطون للعوام لصلاح الناس في دينهم ودنياهم، والنجباء في العدد أقل منهم، والنقباء في العدد أقل منهم وهم مخالطون للخواص، والأبدال في العدد أقل منهم وهم نازلون في الأمصار العظام لا يكون في المصر منهم إلا الواحد بعد الواحد فطوبى لبلدة كان فيها اثنان منهم، والأوتاد واحد في الشام وواحد في المغرب وواحد بدوره القطب في الأفاق الأربعة من أركان الدنيا كدوران الفلك في أوفق السماء.
وقد سترت أحوال القطب وهو الغوث عن العامة والخاصة غيرة من الحق تعالى عليه، غير أنه يرى عالما كجاهل أبله كفطن تاركا أخذا قريبا بعيدا سهلا عسرا آمنا حذرا وكشف أحوال الأوتاد للخاصة وكشف أحوال الأبدال للخاصة والعارفين.
وسترت أحوال النجباء والنقباء عن العامة خاصة وكشف بعضهم لبعض، وكشف حال الصالحين للعموم والخصوص ليقضي الله أمرا كان مفعولا. وعن أنس رضي الله عنه أنه قال: الأبدال أربعون رجلا وأربعون امرأة، كلما مات رجلا أبدل الله رجلا مكانه، وإذا ماتت امرأة أبدل الله تعالى مكانها امرأة. وفي رواية الطبراني: لن تخلو الأرض من أربعين رجلا مثل خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام فبهم يسقون وبهم ينصرون ما مات منهم أحد إلا أبدله الله تعالى