فهل يجب على ولاة الأمور أن يعاملوهم بما يوافق الشرع القويم ويمنعوهم مما يخالفه يكون ذلك من باب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر المأمور به في قوله تعالى {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} المذموم تاركه بقوله تعالى {كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون} وصح أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لتأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، أو ليعمنكم الله بعذاب من عنده". وقال صلى الله عليه وسلم:"من رأى منكم منكرا فليغيره بيده" الحديث. وهل يثابون على ذلك وكذلك يجب على كل من قدر على زواله أن يزيله، ويثاب على ذلك وهل إذا عضدهم أحد من المسلمين وأقرهم وعارض من يريد زوال المنكريؤدب بما يليق به أو كيف الحال؟
(أجاب) الحمد لله وحده والصلاة والسلام علي من لا نبي بعده وممن أنزل القرآن نستمد التحرير والإتقان قال الله تعالى {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} والله تعالى غني عن النصر إنما النصر لدين الإسلام، وفي الحقيقة إنما النصر لنا معشر الإسلام وإذا تأملت أحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحوال أصحابه ظهر لك من أين كان يأتي لهم النصر، وذلك بأنهم كانت لا تأخذهم في الله لومة لائم مع قلتهم وقلت ما بأيديهم من المال والسلاح والخيل والعدة مع ما نحن عليه الآن معاشر الإسلام من الكثرة والأموال والخيول والعدة وغير ذلك مع قلة الفتوح واستيلاء أهل الكفر علينا وكسر قلوب أهل الإيمان مع جبر قلوب أهل الصلبان فتأمل قول الله تعالى:
إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب} تجد الرعب في قلوب من يدعي الإسلام أشد من قلوب الكافرين كأنه لعدم الإيمان فاعلم وفقك الله تعالى أنه يجب على ولاة الأمر أيدهم الله تعالى أن يمنعوا جميع أهل الذمة من نصارى ويهود وغيرهما من إظهار الخمر والناقوس والخنزير والأكل في رمضان ولا يجوز لأحد من المسلمين أن يبيعهم طعاما أو يمكنهم منه في رمضان، وأما فيما بينهم فلا تمنعهم من ذلك، ويراق عليهم المسكر إذا أظهروه وكل ذلك لا ريب أنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وأصل ذلك للسلطان ونوابه أيدهم الله تعالى، فمتى وجدوا كان الأمر منوطا بهم وإلا فعلى أهل الحل والعقد من العلماء والصلحاء والكبراء المنع من ذلك بالمعروف، ويجب على كل مسلم ودعهم وزجرهم عن ذلك لقوله تعالى:{كانوا لايتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون}.
وأخرج أبو داود: أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول: ما هذا اتق الله ودع ما تصنع؛ فإنه لا يحل لك ثم يلقاه من الغد وهو على حاله فلا يمنعه