سافرات الوجوه؛ لأن النظر إليهن مظنة الفتنة، ومحرك الشهوة فاللائق بمحاسن الشريعة سد الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال، ومن بعض فعلهم أنهم يرسلون نساءهم إلى الهيش يحتطبن ويحملنه على رؤوسهن ويكلفونهن إلى الطحن بأنفسهن وإلى حمل القش من السهل إلى البيادر وغير ذلك من الأفعال الشاقة قائلين: من الواجب عليهن فلا والله ما يجب عليهن من هذا شيئا، ومن بعض جهلهم أنهم يلبسون نسائهم السراويل عند الممات، وأما في حياة الدنيا فلا يلبسونهم ذلك؛ لأنه عار عندهم لبس أزواجهن اللباس في الدنيا ويخالفون قول النبي صلى الله عليه وسلم وهو قوله: اتخذوا السراويلات فإنها من أستر ثيابكم وحصنوا بها نسائكم إذا خرجن أي استروهن وصونوهن بلبس السروال خصوصا إذا خرجن من بيوتهن لما فيها من الأمن من انكشاف العورة بنحو سقوط أو ريح فهي كحصن مانع.
وأما فعل هؤلاء المذكورين فإنهم يسترون نسائهم بلبس السروال في القبور ولا يلبسونهن ذلك في الدنيا خصوصا عند خروجهن وتراهن أيها الإنسان في الشتاء وهن ماشيات في الأسواق رافعات ثيابهن إلى ركبهن وما عليهن إلا ثوب واحد فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ومن بعض جهلهم أن أحدهم إذا كان متزوجا امرأة واحدة وأخذ ثانية فالغالب أنه يترك الأولى، وأنه يأخذ الجديدة إلى قرية ثانية يسكن بها ويترك الأولى من غير نفقة ولا كسوة ولا يخف من الله تعالى ولا يخشى عقابه.
ذكر العلامة الرملي رحمه الله تعالى في شرحه على المنهاج: ومن له زوجات وبات عند بعضهن لزمه فورا أن يبيت عند من بقي منهن تسوية بينهن للخبر الصحيح: " إذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه مائل". أي ساقط وقد كان صلى الله عليه وسلم على غاية من العدل في القسم، وإذا دخل على إحداهن في نوبة الأخرى، وطال مكثه قضى من نوبتها مثله؛ لأنه مع الطول لا يسمح به وحق الآدمي لا يسقط بالعذر.
ومن بعض أفعالهم أنه إذا كان لأحدهم امرأتان فيجمعهما في بيت واحد مع أنه يحرم عليه ذلك بغير رضاهن.
ذكر العلامة الرملي رحمه الله تعالى في شرحه على المنهاج: ويحرم عليه أن يجمع ضرتين في مسكن أو خيمة ولو ليلة لما بينهما من تباغض إلا برضاهما؛ لأن الحق لهما ولهما الرجوع ويكره له أن يطأ واحدة مع علم الأخرى، ولا يلزمها الإجابة؛ لأن الحياء والمروءة يأبيان ذلك ومن ثم صوب الأذرعي التحريم.
ومن بعض أفعالهم القبيحة أنه إذا مات رجل وترك ذكورا وإناثا ودواب ومواشي وأسبابا وأملاكا فالذكور يجعلون البنات من جملة الميراث مع الدواب والمواشي والأملاك والأسباب ويقتسمون ذلك، والورع فيهم يدفع