وقف، وإلا فمن أين يؤخذ مثل ذلك، وهل يجب على ولاة الدين أيدهم الله تعالى رب العالمين، أو على صلحاء الأمة من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهل يجب إظهار الجماعات في القرى، وهي البلد الكبير، هل يكفي فيه جماعة واحدة، وإذا امتنع أهل بلدة من إقامة الجماعة، فهل يقاتلون؟
(أجاب) قال الله جل ذكره وعظم ثناؤه {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة}.
قال البيضاوي: إنما تستقيم عمارتها لهؤلاء الجامعين للكمالات العلمية والعملية، ومن عمارتها تزيينها بالفرش وتنويرها بالسرج، وإدامة العبادة والذكر، ودرس العلم بها، وصيانتها مما لم تبن له كحديث الدنيا، وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الله تعالى: إن بيوتي في أرضي المساجد، وإن زوارها عمارها، فطوبى لعبد تطهر في بيته، ثم زارني في بيتي، فحق على المزور أن يكرم زائره. وقال تعالى} وَأَن المَسَاجدَ لله {/، وقال - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه مسلم عن علي كرم الله وجهه:"من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة".
وروى أحمد، والشيخان، والترمذي، وابن ماجه عن عثمان:"من بنى لله مسجدا، يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة".
وروى أحمد عن ابن عباس:"من بنى لله مسجدا، ولو كمفحص قطاة لبيضها بنى الله له بيتا في الجنة".
وروى الطبراني عن أبي أمامة:"من بنى لله مسجدا بنى الله له في الجنة أوسع منه".
وروى الترمذي عن أبي هريرة، وأبي سعيد، وأحمد، والشيخان، والنسائي عن أبي هريرة وأبي سعيد:" سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد إذا خرج منه حتى يعود إليه، ورجلان تحابا في الله، فاجتمعا على ذلك، وافترقا عليه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله رب العالمين، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه".
ولا شك أن المساجد من عماد الدين، وقوام أمر المسلمين، وقيام الصلاة بها، وبذلك يظهر الدين، ويقمع المعاندون، وتظهر الشعار التي إظهارها واجب شرعا، ولهذا كانت صلاة الجماعة فرض كفاية بشرطه لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الخبر الصحيح:"ما من ثلاثة في قرية، ولا بدو، ولا تقام فيهم الجماعة إلا استحوذ عليهم الشيطان" أي غلب.
فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، فيجب إظهار الجماعة، بحيث يظهر بها الشعار في ذلك المحل البادية أو غيرها، وضبط بأن يكون مريدها لو سمع إقامتها، وتظهر أمكنة إدراكها، وفيه ضيق، والظاهر أن الأمر أوسع من ذلك، وأنه يكفي أن يكون كل من أهل محلها، لو قصد من منزله محلا قريبا من محلها لا يشق عليه مشقة ظاهرة، فعلم أنه يكفي في القرية