للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا "أنا" إلا في أوائل الأسانيد في غير المصرية مع أن صيغة "أخبرنا" كثيرة في الاستعمال كما يعلم من مراجعة كتب الحديث ونص عليه الخطيب وغيره، قال الخطيب في "الكفاية": "حتى إن جماعة من أهل العلم لم يكونوا يخبرون عما سمعوه إلا بهذه العبارة "أخبرنا". منهم حماد بن سلمة وعبد الله بن المبارك وهشيم بن بشير وعبيد الله بن موسى وعبد الرزاق بن همام ويزيد بن هارون .. " (١) بل إن البيهقي نفسه لا يكاد يعبر في روايته عن شيوخه إلا بـ "أخبرنا".

أن أكثر ما في "سنن البيهقي" مروي عن كتب مصنفة وقد قابلت بعض ما فيها بمآخذه من الكتب كالأم و"سنن أبي داود" و"سنن الدارقطني" فوجدت محل هذه الصيغة "أخبرنا". أو "أنا". وتتبعت في "سنن البيهقي" مواضع من رواية الأئمة الذين نص الخطيب على أنهم لم يكونوا يعبرون عما سمعوه إلا بلفظ "أخبرنا" فوجدت عبارتهم تقع في السنن بهذه الصيغة "ابنا".

أن صيغة "أنبأنا" عزيزة كما يعلم بتصفح كتب الحديث ونص عليه الخطيب وغيره ونص السخاوي والبقاعي وغيرهما من علماء الفن أنه لم يجر للمحدثين اصطلاح في اختصار "أنبأنا" وحذف الضمير في الصيغ مع الاتصال عزيز جدًّا لا تكاد تجد في كتب "حدث فلان" أو "أخبر فلان" على معنى "حدثنا" أو "أخبرنا" لأن مثل ذلك محمول على الانقطاع عند الخطيب واختاره الحافظ ابن حجر ومن خالف فيه فإنّه موافق على أنه محمول على الانقطاع في عبارات المدلسين وكثيرًا ما تقع عبارات المدلسين في "سنن البيهقي" بهذه الصيغة "ابنا" وهي في الكتب المأخوذ منها "أخبرنا".

أن صيغة "أخبرنا". للسماع اتفاقًا وصيغة "أنبأنا" في اصطلاح شيوخ البيهقي ومشايخهم وأهل عصرهم للإجازة، نص عليه الحاكم، فكيف يختار البيهقي لنفسه "أخبرنا" ثم يبدلها باطراد في كلام غيره مما ثبت في الكتب المصنفة حتى من


(١) انظر "الكفاية" (ص ٣٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>