له: أيها الأمير ... ليس في قتله مصلحة ... أرى أن تخرجه من بلدك، فأمر بإخراجه، فذهب إلى صور، وأقام بها مدة".
وذكر ياقوت في "معجم الأدباء" (٤/ ٣٤) عن ابن طاهر نحو ذلك، وفيه: " ... كان يختلف إليه صبي مليح الوجه قد سماه مكي، وأنا نكبت عن ذكره".
أجاب الشيخ المعلمي عن تلك القصة التي أوردها ابن طاهر بأمورٍ، وبيَّن أن مكي الرميلي هذا حافظ فاضل شافعي من تلامذة الخطيب المعظمين له، إلى أن قال:
"طَهَّر الله ابنَ طاهر من اختلاق الكذب، ولكن لا مانع أن يسمع حكايةً لها علاقةٌ ما بالجمال الذي كان مولعًا به متسمحًا في شأنه، فتصطبغ في نفسه صبغة تناسب هواه، فيحكيها بتلك الصبغة على وجه الرواية بالمعنى.
فعسى أن يكون بعض أعداء الخطيب في دمشق لما سعوا به إلى ذاك الأمير الرافضي على ما تقدم عن ابن عساكر توقف؛ لأن أكثر أهل الشَّام أهل سُنَّة، ويخشى أن يعلموا أنه تعرض للخطيب لأجل المذهب، ففكر أولئك السعاة في حيلة، فرأوا في طلبة العلم الذين كانوا يختلفون إلى الخطيب فتى صبيحًا، فتكلموا بين الناس بأن في اختلاف مثله إلى الخطيب ريبة، وربما اختلقوا ما يوقع الريبة عند بعض الناس، ثم قالوا للأمير: تأخذ الخطيب على أنك أخذته بهذه التهمة التي قد تحدث بها الناس.
فإذا كانت الواقعة هكذا فهي معقولة، فقد يقع مثلها لأفضل الناس، ويخبر بوقوعها له أعقل الناس وأحزمهم إذا كان يعلم أن معرفتهم بحاله تحجزهم عن أن يتخرصوا منها ما يكره، ويحكي وقوعها لأستاذه أبر الناس وأوفاهم، لكن ابن طاهر لما سمعها اصطبغت في فهمه ثم في حفظه، ثم في عبارته بميله وهواه ورأيه الذي أَلَّف فيه، ويؤيد هذا أن الرميلي لما حكى القصة سمَّى ذاك الفتى، ولم هي في ذكر اسمه غضاضة عليه، فلما حكاها ابن طاهر، لم يسمه بل قال: "قد سماه مكي وأنا نكبت عن ذكره؛ لأن لونها عند ابن طاهر غير لونها عند مكي، ولم يحتج ابن طاهر إلى تسميته كما