للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَشعري فيهم مقدم القافلة، فلذلك لا ينصفهم في التراجم، ولا يصفهم بخير إلا وقد رغم منه أنف الراغم.

صنف "التاريخ الكبير"، وما أحسنه لولا تعصب فيه، وكمله لولا نقص فيه، وأي نقص يعتريه" (١).

وقال في ترجمة: أحمد بن صالح المصري من "الطبقات" أيضًا:

"وأما تاريخ شيخنا الذهبي غفر الله له، فإنه على حسنه وجمعه مشحون بالتعصب المفرط لا واخذه الله، فلقد أكثر الوقيعة في أهل الدين؛ أعني الفقراء الذين هم صفوة الخلق، واستطال بلسانه على أئمة الشافعيين والحنفيين، ومال فأفرط على الأشاعرة، ومدح فزاد في المجسمة، هذا وهو الحافظ المِدْرَه، والإمام المبجل، فما ظنك بعوام المؤرخين" (٢).

وذكر في موضع آخر أنه نقل من خط صلاح الدين خليل بن كيلكلدي العلائي (٦٩٤ - ٧٦١) وهو من تلاميذ الذهبي والمتصلين به، أنه قال ما نصه:

"الشيخ الحافظ شمس الدين الذهبي، لا أشك في دينه وورعه وتحريه فيما يقوله الناس، ولكنه غلب عليه مذهب الإثبات، ومنافرة التأويل، والغفلة عن التنزيه، حتى أثَرَ ذلك في طبعه انحرافا شديدًا عن أهل التنزيه وميلا قويًا إلى أهل الإثبات، فإذا ترجم لواحدٍ منهم يُطنب في وصفه بجميع ما قيل فيه من المحاسن، ويبالغ في وصفه، ويتغافل عن غلطاته، ويتاول له ما أمكن، وإذا ذكر أحدًا من الطرف الآخر كإمام الحرمين والغزالي ونحوهما، لا يبالغ في وصفه، ويُكثر من قول من طعن فيه، ويُعيد ذلك ويُبديه، ويعتقده دينًا، وهو لا يشعر، ويُعْرِضُ عن محاسنهم الطافحة، فلا يستوعبها، وإذا ظفر لأحدٍ منهم بغلطة ذكرها.


(١) (٢/ ٢٢).
(٢) (٩/ ١٠٣ - ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>