وتتعلق هذه الحلقة الثالثة بعلوم السُنة، وقواعد المصطلح الاستقرائية التي بني عليها العلامة المعلمي منهجه في نقد الرواة والأخبار.
فأما ما يتعلق بعلوم السُنة فيشمل: تعريف السُنة، ومنزلتها من الدين، وحفظ الله تعالى لها، وعناية الأئمة بها، واحتياطهم البالغ في باب النقد، والانتصار لأصحاب الحديث، وذم ما عليه المتكلمون والمتفلسفون لخوضهم في غوامض المعقول، وبيان إعراض كثير من الناس عن هذا العلم، ووجوب تسليم مَنْ دون أئمة الحديث لهم في معرفة الصحيح من المعلول.
وهي فصولٌ نافعةٌ في بابها، على اختصارها وقِلَّةِ مبناها.
وأما علوم المصطلح، فتشمل قواعد نقد الخبر، وشرائط قبول الحديث، بالإضافة إلى مباحث في الجرح والتعديل، وفنون من علم الرجال.
وقَوْلي:"الاستقرائية" أردتُّ به أن كثر مباحث هذا المطلب ليست نقلًا مجردًا من كتب المصطلح المتداولة، بل تظهر فيها -بوضوح- شخصية الشيخ العلمية النقدية التي بناها على ممارسته لكتب الفن، وتخصصه في هذا المجال، كما شهد له بذلك القاصي والداني، والموافق والمخالف، كما ترى شيئًا منه في ثناء أهل العلم عليه في مقدمة القسم الأول من هذا الكتاب.
وقد قال: في مقدمة "الفوائد المجموعة"(ص ٩):
"القواعدُ المقررة في مصطلح الحديث: منها ما يُذكر فيه خلافٌ، ولا يُحقَّقُ الحقُّ فيه تحقيقًا واضحًا، وكثيرًا ما يختلف الترجيحُ باختلاف العوارض التي تختلف في الجزئيات كثيرًا.
وإدراكُ الحق في ذلك يحتاج إلى ممارسةٍ طويلةٍ لكتب الحديث والرجال والعلل، مع حسن الفهم وصلاح النية ... ".