ثم قال:"صيغ الجرح والتعديل، كثيرًا ما تُطلق على معانٍ مغايرة لمعانيها المقررة في كتب المصطلح، ومعرفة ذلك تتوقف على طول الممارسة واستقصاء النظر".
ثم قال:"ما اشتهر أن فلانًا من الأئمة مُسَهِّل، وفلانًا مشدِّد، ليس على إطلاقه؛ فإن منهم من يسهل تارة، ويشدد أخرى، بحسب أحوال مختلفة. ومعرفة هذا وغيره من صفات الأئمة التي لها أثر في أحكامهم، لا تحصل إلا باستقراءٍ بالغ لأحكامهم مع التدبر التامّ". اهـ.
فوضح من هذه العبارات المنهجُ العام للشيخ المعلمي في باب النقد، وهو اعتماده على البحث المتواصل، والنظر الدءوب، والاستقراء الهادىء لكتب الأئمة، مع شرطين أساسين، وهما: حسن الفهم، وصلاح النية.
أما حُسْن الفهم فيتأتى بتحصيل أدوات هذا العلم وأسبابه المُعينة على تكوين الملكة التي تمدُّ صاحبَها بحسن التصور وجوْدة الفهم. وهذا كله يحتاج إلى ديمومة النظر والتفتيش في تصرفات الأئمة في الأحوال المتشابهة والمختلفة، مع جمع النظائر، وعرض بعضها على بعض.
هذا مع عدم التقيُّد بالأقوال التي يُطلقها بعضُ المتأخرين في مناهج بعض الأئمة أو معاني بعض المصطلحات، مما لا يُساعدُ عليه تقليبُ صفحات كتبهم، إلا في مواضع نادرة، لا يتعذر حملها على الأشهر والأوضح من ذلك.
وأما صلاح النيَّة فيقتضي التجرد عن الهوى والعصبية والمصلحة، ووجودُ أحد هذه الآفات مانعٌ صاحبه من بلوغ الحقِّ مهما أُوتي من علمٍ وفَهْمٍ.
والمتأمِّل في سيرة الشيخ المعلمي؛ مِنْ نشأته، وطلبه للعلم، وما حصَّله من أنواع العلوم والمعارف، واشتغاله بهذا الفَنّ طول حياته، وعنايته بالأصول من كتب أهل العلم، وتصحيحه للمطولات من كتب الرجال والسنن، وإبداعه في التصدي للدفاع عن مثل البخاري في إمامته مما اشتمل عليه كتابا "بيان خطأ البخاري في