للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأشار ابنُ رجب إلى ما ورد مما يدلُّ على الجهر، وأعلَّها بالاضطراب في الإسناد والمتن، وأنه لا يجوز أن يكون معارضًا لأحاديث أنس الصحيحة الصريحة، ثم قال:

"فمن اتقى وأنصف علم أن حديث أنس الصحيح الثابت لا يُدفع بمثل هذه المناكير والغرائب والشواذ التي لم يرض بتخريجها أصحابُ "الصحاح"، ولا أهل "السنن" مع تساهل بعضهم فيما يخرجه، ولا أهل المسانيد المشهورة مع تساهلهم فيما يخرجونه.

وإنما جُمعتْ هذه الطرق الكثيرة الغريبة والمنكرة لمَّا اعتنى بهذه المسألة من اعتنى بها، ودخل في ذلك نوعٌ من الهوى والتعصُّب، فإنَّ أئمة الإسلام المجتمع عليهم إنما قصدوا اتباعَ ما ظهر لهم من الحق وسُنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لم يكن لهم قصدٌ في غير ذلك -رضي الله عنهم-.

ثم حدث بعدهم مَنْ كان قصدُه أن تكون كلمةُ فلانٍ وفلانٍ هي العليا -ولم يكن هذا قصدَ أولئك المتقدمين- فجمعوا، وكثَّرُوا الطرق، والروايات الضعيفة، والشاذة، والمنكرة، والغريبة، وعامَّتها موقوفات، رفعها من ليس بحافظ أو من هو ضعيف لا يُحتج به، أو مرسلات وصلها من لا يحتج به ...

والعجب ممن يعلل الأحاديث الصحيحة المخرجة في "الصحيح" بعلل لا تساوي شيئًا، إنما هي تَعنُّتٌ مَحضٌ، ثم يحتجُّ بمثل هذه الغرائب الشاذة المنكرة، ويزعم أنها صحيحة لا عِلة لها". اهـ.

٩ - وقال ابن كثير عند الكلام على اشتراط بيان السبب في الجرح من كتابه "اختصار علوم الحديث" (ص ٧٩):

<<  <  ج: ص:  >  >>