للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أذهان الناس أنه الأصل، والسنة بيانٌ له، فزال ما كان يخشى من أن يؤدي وجود كتاب للحديث إلى أن يكب الناس عليه، ويدعوا القرآن.

قال أبو رية: "وعن يحيى بن جعدة أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنة، ثم بدا له أن لا يكتبها، ثم كتب إلى الأمصار: من كان عنده شيء فليمحه" (١).

أقول: وهذا منقطع أيضًا، يحيى بن جعدة لم يدرك عمر، عروة أقدم منه وأعلم جدًّا، وزيادة يحيى منكرة، لو كتب عمر إلى الأمصار لاشتهر ذلك، وعنده علي وصحيفته، وعند عبد الله بن عمرو صحيفة كبيرة مشهورة.

قال أبو رية: "وروى ابن سعد عن عبد الله بن العلاء قال: سألت القاسم بن محمد أن يعلى على أحاديث فقال: إن الأحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب فأنشد الناس أن يأتوه بها، فلما أتوه بها أمر بتحريقها: مثناة كمثناة أهل الكتاب. قال فمنعني القاسم بن محمد يومئذ أن أكتب حديثًا" (٢).

أقول: وهذا منقطع أيضا؛ إنما وُلد القاسم بعد وفاة عمر ببضع عشرة سنة. ثم ذكر خبر زيد بن ثابت وقد مَرَّ.

ثم قال: "وعن جابر بن عبد الله بن يسار قال: سمعت عليًّا يخطب يقول: أعزم على كل من عنده كتاب إلا رجع فمحاه فإنما هلك الناس حي تتبعوا أحاديث علمائهم وتركوا كتاب ربهم".

أقول: ذكره ابن عبد البر من طريق شعبة عن جابر (٣)، ولم أجد لجابر بن عبد الله ابن يسار ذكرًا، وقد استوعب صاحب التهذيب مشايخ شعبة في ترجمته، ولم يذكر


(١) أخرجه أبو خيثمة في "العلم" رقم (٢٦)، وابن عبد البر في "الجامع" (ص ١٠٩).
(٢) "الطبقات" (٥/ ١٨٨) رواه عن زيد بن يحيى بن عبيد الدمشقي قال: أخبرنا عبد الله بن العلاء به.
وذكره الذهبي في ترجمة القاسم من "سير أعلام النبلاء" (٥/ ٥٩).
(٣) "جامع بيان العلم وفضله" (ص ١٠٨) وفيه: جابر بن عبد الله بن يسار.

<<  <  ج: ص:  >  >>