للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "كنز العمال" (٥/ ٢٣٧) -وهو ترتيب جمع الجوامع ومنه أخذ أبو رية: "قال ابن كثير هذا غريب من هذا الوجه جدًّا، وعلي بن صالح أحد رجال سنده لا يعرف".

أقول: وفي السند غيره ممن فيه نظر (١). ثم وجهه ابن كثير على فرض صحته.

قال أبو رية (ص ٢٤): "وروى حافظ المغرب ابن عبد البر والبيهقي في "المدخل" عن عروة: أن عمر أراد أن يكتب السنن فاستفتى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك -ورواية البيهقي: فاستشار- فأشاروا عليه أن يكتبها، فطفق عمر يستخير الله شهرًا، ثم أصبح يومًا وقد عزم الله له فقال: إنِّي كنت أريد أن أكتب السنن، وإني ذكرت قومًا كانوا قبلكم كتبوا كتبًا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله، وإني والله لا أشوب كتاب الله بشيء أبدًا. ورواية البيهقي: لا ألبس بكتاب الله بشيء أبدًا" (٢).

أقول: وهذا وإن صح حجة لما قلناه، فلو كان النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن كتابة الأحاديث مطلقًا لما هَمَّ بها عمر وأشار بها عليه الصحابة، فأما عدوله عنها فلسبب آخر كما رأيت.

لكن الخبر منقطع؛ لأن عروة لم يدرك عمر، فإن صح فإنما كانت تلك الخشية في عهد عمر ثم زالت، وقد قال عروة نفسه كما في ترجمته من تهذيب التهذيب: "وكنا نقول: لا نتخذ كتابًا مع كتاب الله، فمحوت كتبي، فوالله لوددت أن كتبي عندي وإن كتاب الله قد استمرت مريرته" يعني قد استقر أمره وعلمت مزيته وتقرر في


(١) هما: موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن، الظاهر أنه هو العلوي الهاشمي، وهو مترجم بها "الميزان"، و"اللسان"، عن إبراهيم بن عمر بن عبيد الله التيمي، لم أجده.
(٢) من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة به.
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (١١/ ٢٥٨) ومن طريقه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (ص ١٠٩) والخطيب في "تقييد العلم" (ص ٤٩) والبيهقي في "المدخل" (ص ٤٠٧).
وهو منقطع بين عروة وعمر، كما سيأتي، انظر: "المراسيل" لابن أبي حاتم (١٤٩)، و"تحفة التحصيل" (ص ٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>