للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو تحريم أو أمرٍ أو نهي أو ترغيبٍ أو ترهيبٍ، فإذا كان الراوي لها ليس بمعدنٍ للصدق والأمانة، ثم أقدم على الرواية عنه من قد عرفه ولم يبيِّن ما فيه لغيره ممن جهل معرفته، كان آثمًا بفعله ذلك، غاشًا لعوام المسلمين؛ إذ لا يؤمن على بعض من سمع تلك الأخبار أن يستعملها أو يستعمل بعضها، ولعلها أو أكثرها أكاذيب لا أصل لها، مع أن الأخبار الصحاح من رواية الثقات وأهل القناعة أكثر من أن يضطر إلى نقل من ليس بثقة ولا مقنع.

ولا أحسب كثيرًا ممن يعرج من الناس على ما وصفنا من هذه الأحاديث الضعاف والأسانيد المجهولة، ويعتدّ بروايتها بعد معرفته بما فيها من التوهن والضعف إلا أن الذي يحمله على روايتها والاعتداد بها إرادة التكثر بذلك عند العوام، ولأن يقال: ما أكثر ما جمع فلان من الحديث وألَّف من العَدد.

ومَنْ ذهب في العلم هذا المذهب، وسَلك هذا الطريق فلا نصيب له فيه، وكان بأن يُسَمَّى جاهلًا أَوْلى من أن يُنسب إلى علم" اهـ

فتأمَّلْ أيها اللبيبُ عناوينَ تلك المسائل، وطالِعْها في تلك المقدمة، تحظى بعلم وافر.

ثم انتقل مسلم إلى مناقشة قضية صحة الاحتجاج بالحديث المعنعن، وقد أطال في تقرير مذهبه فيها، ولعلَّ هذه القضية هي ما يستحوذ على الناظر في تلك المقدمة دون غيرها من الفوائد، ويأتي تحقيقها إن شاء الله عند الكلام على شرط الاتصال من شروط صحة الحديث، فلينظر هناك.

ولمسلم كتاب "التمييز" وهو كتاب حافلٌ، شرح فيه مسلم أنواعَ العلل والأخطاء الواقعة في الأحاديث، والقطعة التي وُجدت منه تنمُّ عن علمٍ جَمٍّ وتمكُّنٍ بالغٍ، وتعطي إشارة مجملة عن قواعد هذا الفن.

وكذا وضع مسلم أصنافًا أخرى من الكتب؛ ككتاب "العلل"، و"أوهام المحدثين"، و"أفراد الشاميين"، و"الوحدان"، و"الأفراد" وغيرها، وإن لم يبلغنا أكثر ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>