للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتبادر "المسلم" من نحو قولك: "رأيت رجلًا فاسقا" من العرف الحادث بعد صَدْر الإسلام، وسببه أنها (١) صار الغالب إذا ذُكر الكافر أن يُذكر بلفظه الخاص به "كافر" أو ما يعطي ذلك مثل: يهودي، ونصراني، ومجوسي، وإذا ذُكر المسلم الذي ليس بعدل أن يذكر بنحو: فاسق، وفاجر، ومثل هذا العرف لا يعتد به في فهم القرآن.

وغفل بعضهم عن هذا، فظن أن دخول الكافر في الآية إنما هو من باب الفحوى، قال: لأنه أسوأ حالًا من الفاسق.

ونوقش في ذلك بأن الفسق مظنة التساهل في الكذب؛ إذ المانع من الكذب هو الخوف من الله عز وجل ومن عيب الناس، ومرتكب الكبيرة قد دل بارتكابه إياها على ضعف هذا الخوف من نفسه.

وأما الكافر فقد يكون عدلا في دينه بأن يكون يحسب أنه على الدين الحق، ويحافظ على حدود ذلك الدين، ويخاف الله عز وجل والناس بحسب ذلك.

أقول: في هذا نظر؛ فإن الحجة قد قامت على الكافر، فدل ذلك على كذبه في زعمه أنه يعتقد أن دينه حق.

والكافر الذي بلغته دعوة الإسلام لا يخلو عن واحد من ثلاثة أمور:

الأول: التقصير في البحث عن الدين الحق.

الثاني: الهوى الغالب.

الثالث: العناد.

ولو برىء من هذه الثلاثة لأسلم، قال الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (٦٨) وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: ٦٨ - ٦٩].


(١) كذا، والظاهر أن الصواب: "أنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>