للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ذكر الخطيب بأسانيده سماع طائفة من الصحابة من النبي -صلى الله عليه وسلم- وهم صغار، ثم ذكر جماعة كسعيد بن عامر وسفيان بن عيينة احتج أهل العلم بروايتهم ما سمعوه قبل الاحتلام.

ثم أسند الخطيب إلى عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي: متى يجوز سماع الصبي في الحديث؟ فقال: إذا عقل وضبط. قلت: فإنه بلغني عن رجل سميته أنه قال: لا يجوز سماعه حتى يكون له خمس عشرة سنة؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- رد البراء وابن عمر استصغرهم يوم بدر، فأنكر قوله هذا، وقال: بئس القول، يجوز سماعه إذا عقل، فكيف يصنع بسفيان بن عيينة ووكيع، وذكر أيضًا قوما.

وفي رواية لاحقة عن أحمد أيضًا: "إنما ذلك في القتال، يعني: ابن خمس عشرة سنة"، أو كلاما ذا معناه، وفي أخرى: سئل عن سماع الصغير متى يصح؟ قال: إذا عقل. وسئل عن إسحاق بن إسماعيل وقيل له: إنهم يذكرون أنه كان صغيرا، فقال: قد يكون صغيرا يضبط. قيل له: فالكبير وهو لا يعرف الحديث ولا يعقل؟ قال: إذا كتب الحديث فلا بأس أن يرويه.

قال الخطيب: أراد أبو عبد الله بذلك أن يكون الكبير يضبط كتابه، غير أنه لا يعرف علل الأحاديث واختلاف الروايات ولا يعقل المعاني واستنباطها، فمثل هذا يكتب عنه لصدقه وصحة كتابه وثبوت سماعه.

وممن قال بما استنكره أحمد: ابن معين.

فأسند الخطيب إلى عباس الدوري قال: سمعت يحيى بن معين يقول: حد الغلام في كتاب الحديث: أربع عشرة سنة أو خمس عشرة سنة، أو كما قال (١).


(١) قال السخاوي في "فتح الغيث" (٢/ ١٢): "على أن قول ابن معين هذا يُوَجَّهُ بحمله على إرادة تحديد ابتداء الطلب بنفسه، أما من سمع اتفاقا أو اعتُني به فسُمِّعَ وهو صغير فلا". وهذا قاله ابن حجر في "الفتح" (١/ ٢٠٦) بلفظه.

<<  <  ج: ص:  >  >>