ثم ذكر حكايات في حضور ما عُبِّرَ عنه بـ"الصبيان" مجالس بعض المشايخ مثل: الأعمش، وحماد بن سلمة، وعبد الله بن المبارك، وإسماعيل بن رجاء، ثم ذكر حكاية عن ابن عيينة استدل بها على أنه حفظ عن عبدة بن أبي لبابة وهو ابن عشر أو في حدودها.
• ثم جاء الخطيب فذكر في كتابه "الكفاية"(ص ٥٤) بابًا في: "ما جاء في صحة سماع الصغير"، صدَّره بقوله: قد اختلف أهل العلم في التحمُّل قبل البلوغ، فمنهم من صحح ذلك، ومنهم من دفع صحته.
قال: قلَّ من كان يثبت -وفي رواية: يكتب- الحديث على ما بلغنا في عصر التابعين وقريبًا منه إلا من جاوز حدَّ البلوغ، وصار في عداد من يصلح لمجالسة العلماء ومذاكرتهم وسؤالهم.
وقيل إن أهل الكوفة لم يكن الواحد منهم يسمع الحديث إلا بعد استكماله عشرين سنة، ويشتغل قبل ذلك بحفظ القرآن وبالتعبد.
وقال قوم: الحد في السماع خمس عشرة سنة: وقال غيرهم: ثلاث عشرة، وقال جمهور العلماء: يصح السماع لمن سنه دون ذلك، وهذا عندنا هو الصواب.
ثم ذكر الخطيب حكايات عن بعض العلماء تؤيد ما ذكره آنفا، ثم نقل عن الرامهرمزي -وهو ابن خلاد- ما نقلناه عنه قريبا في سماع جماعة من الصحابة وهم صبية، وزاد: وتزوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عائشة وهي بنت ست سنين، وابتنى بها وهي بنت تسع، وروت عنه ما حفظته في ذلك الوقت. وروى معاوية بن قرة المزني عن أبيه قال: كنت غلاما صغيرا فمسح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأسي ودعا لي.
... وممن كثرت الرواية عنه من الصحابة وكان سماعه في الصغر: أنس بن مالك، وعبد الله بن عباس، وأبو سعيد الخدري.
وكان محمود بن الربيع يذكر أنه عقل مجة مجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في وجهه من دلو كان معلقا في دارهم، وتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وله خمس سنين.