للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البخاري، وأبو حاتم، وأبو داود، والترمذي، وابن يونس، والحاكم والبيهقي وغيرهم، كما سيأتي. قال الحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص ١٢٠): "هذا حديثٌ رواتُه أئمةٌ ثقاتٌ، وهو شاذُّ الإسنادِ والمتن .. وقد حدثونا عن أبي العباس الثقفي قال: كان قتيبةُ بن سعيد يقول لنا: على هذا الحديثِ علامةُ أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، وأبي بكر ابن أبي شيبة، وأبي خيثمة، حتى عدّ قتيبةُ أسامي سبعةٍ من أئمة الحديثِ، كتبُوا عنه هذا الحديث. وقد أخبرناه أحمد بن جعفر القطيعي قال: ثنا عبد الله ابن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال: ثنا قتيبة فذكره.

قال الحاكم: فأئمة الحديث إنما سمعوه من قتيبة تعجُّبًا من إسناده ومتنه .. "

وقد اتفق أصحاب "الملكةِ" من النقاد على إعلال هذا الحديث، وأنه خطأ ولا أصل له، مع اختلافهم في تحديد المخطىء فيه، وهذا لا يؤثر في الاتفاق المذكور (١).

ولم يجْرِ على ظاهر إسنادِ هذا الحديث فصحّحهُ إلا نفرٌ من المتأخرين والمعاصرين، وهذا مظهرٌ من مظاهر تلك الهُوّةِ التى لا تبرحُ في زيادة بين النقاد ومن بعدهم، والتى أشرنا إليها آنفًا.

ولم يسعِ الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى بعد عرْضِ مذاهب النقاد في إعلال هذا الحديث إلا أن يُسجِّل شهادتهُ الخالدة، فيقول (٢): "وبهذا التقرير يتبينُ عِظمُ موقعِ كلامِ المتقدمين، وشدةُ فحْصِهم، وقوةُ بحْثِهم، وصِحّةُ نظرهم، وتقدمُهم بما يوجبُ المصير إلى تقليدهم في ذلك، والتسليم لهم فيه، وكُلُّ من حكم بصحةِ الحديث مع ذلك إنما مشى على ظاهر الإسناد". اهـ.


(١) تفصيل أقوال النقاد في إعلال هذا الحديث والجواب عَمَّن صححه، تراه في البحث الممتع الذي صنعه الدكتور/ حمزة عبد الله المليباري، أستاذ الحديث بالجامعة الإسلامية، قسنطينة - الجزائر، في كتابه "الموازنة بين المتقدمين والمتأخرين في تصحيح الأحاديث وتعليلها" (ص ٤٨ - ٨٨).
(٢) "النكت على كتاب ابن الصلاح" (٢/ ٧٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>