ثم ذكر الاختلاف في أول زمان يصح فيه سماع الصغير، فأورد ما سبق نقله عن موسى بن هارون، وأحمد بن حنبل في ذلك.
ثم نقل عن القاضي عياض قوله: قد حدد أهل الصنعة في ذلك أن أقله سن محمود بن الربيع. وذكر رواية البخاري في "صحيحه" بعد أن ترجم: "متى يصح سماع الصغير" بإسناده عن محمود بن الربيع قال: عقلت من النبي -صلى الله عليه وسلم- مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو -وفي رواية أخرى- أنه كان ابن أربع سنين.
هذا ما نقله عن القاضي وأزيد عنه قوله:
وليعلم إنما أرادوا أن هذا السن أقل ما يحصل به الضبط وعقل ما يسمع وحفظه وإلا فمرجع ذلك للعادات؛ فرب بليد الطبع غبي الفطرة لا يضبط شيئًا فوق هذا السن.
ثم قال ابن الصلاح:
"التحديد بخمس هو الذي استقر عليه عمل أهل الحديث المتأخرين، فيكتبون لابن خمس فصاعدا: سمع، ولمن لم يبلغ خمسًا: حضر، أو أُحضر.
والذي ينبغي في ذلك أن نعتبر في كل صغير حاله على الخصوص، فإن وجدناه مرتفعا عن حال من لا يعقل فهما للخطاب وردا للجواب ونحو ذلك صححنا سماعه، وإن كان دون خمس، وإن لم يكن كذلك، لم نصحح سماعه وإن كان ابن خمس بل ابن خمسين".
ثم قال بعد:
"وأما حديث محمود بن الربيع فيدل على صحة ذلك من ابن خمس مثل محمود، ولا يدل على انتفاء الصحة فيما لم يكن ابن خمس، ولا على الصحة فيمن كان ابن خمس ولم يميز تمييز محمود -رضي الله عنه-، والله أعلم. اهـ