ابن حبان، ومذهبه معروف في التسامح، ويأتي بيانه -أيضًا-، فإذا عددنا إخراج مسلم لحديثه توثيقا، فلم يَسلمْ له إلا مسلم.
الأمر الثاني: أن هؤلاء كلهم لم يدركوا كنانة، وإنما وثقوه بناء على مذاهبهم أن من روى عنه الثقات، ولم يجرح، ولم يأت بمنكر، فهو ثقة، وسيأتي الكلام في هذا - إن شاء الله تعالى.
الأمر الثالث: ظاهر الحديث أنه لا يحل لمحتاج المسألة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه فيخبرون أنه نزلت به فاقة، ولا يُعرف أحدٌ قال بهذا، بل مدار الحِلِّ عند أهل العلم على نفس الحاجة، فإن احتاج في نفسه إلى المسألة حلَّت له، ولا نعلم أحدا تكلف العمل بهذا، وليس هذا من ردِّ السنة بعدم العمل بموافقٍ لها، أو عاملٍ بها، المقصود أن مثل هذا قد يُستنكر فيصير الحديث منكرا، فيقدح في راويه -أعني: كنانة بن نعيم- مع قِلِّة مَا لَه من الحديث ومع أنه في حديثه هذا شيء من الاختلاف: فرواه حماد بن زيد عن هارون بن رئاب عن كنانة كما مَرَّ.
ورواه ابن عيينة عن هارون، فقال في أوله:"إن المسألة لا تصلح" وقال مرة: "حرمت" أخرجه أحمد في "المسند"(٣/ ٤٧٥).
ورواه إسماعيل بن علية عن أيوب عن هارون، فلم يذكر محل الشاهد أصلًا، بل قال:"إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة ... ورجل أصابته فاقة فيسأل حتى يصيب قواما من عيش" أخرجه أحمد في "المسند"(٥/ ٦٠).
الأمر الرابع: أن مقتضى حمل الشاهد والمخبر على المحتاج: أن لا يحل أن يشهد أحد أو يخبر حتى يعدله ثلاثة، وهذا لا قائل به، ولا يُعلم واحد فضلا عن ثلاثة عَدَّلَ كنانة قبل أن يخبر.
الأمر الخامس: أن الأولوية التي ادعاها أبو عبيد غير ظاهرة، بل الصواب عكس ما قال: وبيان ذلك أن الحكمة في تحريم المسألة حتى يشهد ثلاثة من ذوي الحجا من