هذه قصة اتهام الوليد بالخمر كما في حوادث سنة ٣٠ من تاريخ الطبري, وليس فيها -على تعدد مصادرها القديمة- شيء غير ذلك. وعناصر الخبر عند الطبري أن الشهود على الوليد اثنان من الموتورين الذين تعددت شواهد غلهم عليه, ولم يرد في الشهادة ذكر الصلاة من أصلها فضلا عن أن تكون اثنتين أو أربعا. وزيادة ذكر الصلاة هي الأخرى أمرها عجيب؛ فقد نقل خبرها عن الحضين بن المنذر-أحد أتباع علي- أنه كان مع علي عند عثمان ساعة أقيم الحد على الوليد، وتناقل عنه هذا الخبر فسجله مسلم في "صحيحه" (كتاب الحدود ب ٨ ج ٣٨ - ج ٥ ص ١٢٦)، بلفظ: شهدت عثمان بن عفان وأتي بالوليد قد صلى الصبح ركعتين ثم قال: أزيدكم؟ فشهد عليه رجلان: أحدهما: حمران أنه شرب الخمر، وشهد آخر أنه رآه يتقيأ. فالشاهدان لم يشهدا بأن الوليد صلى الصبح ركعتين وقال أزيدكم، بل شهد أحدهما بأنه شرب الخمر وشهد الآخر بأنه تقيأ. أما صلاة الصبح ركعتين وكلمة أزيدكم فهي من كلام حضين، ولم يكن حضين من الشهود، ولا كان في الكوفة في وقت الحادث المزعوم، ثم إنه لم يسند هذا العنصر من عناصر الاتهام إلى إنسان معروف ومن العجيب أن نفس الخبر الذي في "صحيح" مسلم وارد في ثلاثة مواضع من "مسند" أحمد رواية عن حضين، والذي سمعه من حضين في "صحيح" مسلم هو الذي سمعه منه في "مسند" أحمد بمواضعه الثلاثة, فالموضعان الأول والثاني (ج ١ ص ٨٢ و ١٤٠ الطبعة الأولى- ج ٢ رقم ٢٦٤ و ١١٨٤ الطبعة الثانية) ليس فيهما ذكر للصلاة عن لسان حضين فضلا عن غيره, فلعل أحد الرواة من بعده أدرك أن الكلام عن الصلاة ليس من كلام الشهود فاقتصر على ذكر الحد. وأما في الموضع الثالث من "مسند" أحمد (ج ١ ص ١٤٤ - ١٤٥ الطبعة الأولى - ج ٢ رقم ١٢٢٩) =