للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقولون: إنه في زمن عثمان كان أميرا على الكوفة، فشهدوا عليه أنه شرب الخمر، وكلَّم عليٌّ عثمانَ في ذلك فأمره أن يجلده فأمر عليٌّ عبد الله بن جعفر فجلده. ومنهم من يزيد، أنه صلى بهم الصبح سكران فصلى أربعا ثم التفت فقال: أزيدكم؟ (١).


= أحوالهم، فكل هذه الأخبار من أولها إلى آخرها لا يجوز أن يؤاخذ بها مجاهدٌ كان موضع ثقة أبي بكر وعمر، وقام بخدمات للإسلام يرجى له بها أعظم المثوبة إن شاء الله، أضف إلى كل ما تقدم أنه في الوقت الذي حدثت فيه لبني المصطلق الحادثة التي نزلت فيها الآية كان الوليد صغير السن كما سيأتي". اهـ.
(١) كَشْفُ الشيخ محب الدين الخطيب عن دخائل هذه الحكاية:
ذكر رحمه الله في تعليقه على "العواصم" (ص ١٠٦ - ١٠٨): "أن فريقا من الأشرار وأهل الفساد أصاب بنيهم سوط الشريعة بالعقاب على يد الوليد، فوقفوا حياتهم على ترصد الأذى له، ومن هؤلاء رجل يسمى: أبا زينب بن عوف الأزدي, وآخر يسمى: أبا مورع، وثالث اسمه. جندب أبو زهير قبض السلطان على أبنائهم في ليلة نقبوا بها على ابن الحيسمان داره وقتلوه، وكان نازلا بجواره رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على جيش خزاعة يوم فتح مكة فجاء هو وابنه من المدينة إلى الكوفة ليسيرا مع أحد جيوش الوليد بن عقبة التي كان يواصل توجيهها نحو الشرق للفتوح ونشر دعوة الإسلام، فشهد هذا الصحابي وابنه في تلك الليلة سطو هؤلاء الأشرار على منزل ابن الحيسمان، وأدى شهادته هو وابنه على هؤلاء القتلة السفاحين، فأنفذ الوليد فيهم حكم الشريعة على باب القصر في الرحبة, فكتب آباؤهم العهد على أنفسهم للشيطان بأن يكيدوا لهذا الأمير الطيب الرحيم، وبثوا عليه العيون والجواسيس ليترقبوا حركاته, وكان بيته مفتوحا دائما. وبينما كان عنده ذات يوم ضيف له من شعراء الشمال كان نصرانيا في أخواله من تغلب بأرض الجزيرة وأسلم على يد الوليد، فظن جواسيس الموتورين أن هذا الشاعر الذي كان نصرانيا لابد أن يكون ممن يشرب الخمر ولعل الوليد أن يكرمه بذلك، فنادوا أبا زينب وأبا المورع وأصحابهما، فاقتحموا الدار على الوليد من ناحية المسجد، ولم يكن لداره باب فلما فوجىء بهم نحى شيئا أدخله تحت السرير، فأدخل بعضهم يده فأخرجه بلا إذن من صاحب الدار، فلما أخرج ذلك الشيء من تحت السرير إذا هو طبق عليه تفاريق عنب، وإنما نحاه الوليد استحياء أن يروا طبقه ليس عليه إلا تفاريق عنب، فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون من الخجل، وسمع الناس بالحكاية فأقبلوا يسبونهم ويلعنونهم، وقد ستر الوليد عليهم ذلك وطواه عن عثمان وسكت عن ذلك وصبر.
ثم تكررت مكايد جندب وأبي زينب وأبي المورع، وكانوا يغتنمون كل حادث فيسيئون تأويله ويفترون الكذب. وذهب بعض الذين كانوا عمالا في الحكومة ونحاهم الوليد عن أعمالهم لسوء =

<<  <  ج: ص:  >  >>