قال أبو رية (ص ٣٢٥): "ونحن لا نغلو في تقديس الناس إلى هذا الحد البعيد".
أقول: وعلماء السنة كما رأيت لا يبلغون ذلك الحد، وإن كانوا يعلمون أن حال الصحابة لا تقاس بحال غيرهم.
قال:"ولا نرى في أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ما لم يكونوا يرون في أنفسهم".
أقول: المدار على الحجة، فإذا ثبت عندنا أن أحدهم كان يرى في صاحبه أمرًا فليس لنا أن نوافقه إذا لم نعلمَ له حجة، فكيف إذا ما قامت الحجة على خلافه؟ وأوضح من ذلك أنه ليس لنا أن نتهم غير صاحبه بمثل تلك التهمة ما دام لا حجة لنا على ذلك، فأما الاستدلال على الإمكان فعلماء السنة لم ينفوا الإمكان إلا فيما قام عليه دليل شرعي كالتبشير بالجنة، والدليل الشرعي لا يعارضه ما دونه.
قال:"وهم تقاذفوا التهم الخطيرة، وكان منهم فريق تراموا بالكفر والفسوق، فقد روي أن عمار بن ياسر ... ".
أقول: أما الترامي بالفسوق بمعنى ارتكاب بعض الكبائر فقد كان بعض ذلك وعُلم حكمُه مما مر، وأما الترامي بالكفر فلم يثبت، بل الثابت خلافه، وما ذكر أنه روي عن عمر وابن مسعود لم يثبت، وعلى فرض أنه ثبت عن بعضهم كلمة يظهر منها ذاك المعنى فهي فلتة لسان عند ثورة غضب لا يجوز أخذها على ظاهرها لشذوذها ونفي جمهور الصحابة لما يزعمه ظاهرها، كيف وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تبشير عثمان بالشهادة والجنة؟ ". اهـ.