وقولهم:"ومات على الاسلام" تحرزًا ممن ارتد ومات على غير الإسلام.
وقولهم:"وإن تخلل ذلك ردة" يعني شريطة أن يموت على الإسلام.
وقولهم:"على الأصح" إشارة إلى الراجح من الخلاف في ذلك.
أقول: قد وقع جدل في القَدْر الذي يصح معه إطلاق اسم الصحبة.
والذي يتحرر من الناحية العملية أن الصحبة نوعان:
الأولى: صحبة فضيلة.
والثانية: صحبة رواية.
فالأولى تطلق على صنفين:
أحدهما: كل من رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ولو مرة، ولو للحظة، وإن لم يقع معها مجالسة ولا مماشاة ولا مكالمة.
ثانيهما: الصغير غير المميز، كعبد الله بن حارث بن نوفل، وعبد الله بن أبي طلحة الأنصاري وغيرهما ممن حنكه النبي -صلى الله عليه وسلم- ودعا له، ومحمد بن أبي بكر الصديق المولود قبل الوفاة النبوية بثلاثة أشهر وأيام، فهو وإن لم تصح نسبة الرؤية إليه، صدق أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رآه، وعلى ذلك مشى غير واحدٍ ممن صنف في الصحابة؛ يذكرون كل من نال شرفَ وفضيلةَ رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم-.
والصنف الأول يقول فيه المحققون: له رؤية وليست له صحبة. يعنون بذلك أنه لم يسمع من النبي -صلى الله عليه وسلم- شيئا، أي له صحبة الفضيلة لرؤية النبي -صلى الله عليه وسلم-، لكن ليست له صحبة الرواية، فحديثه مرسل.
وأما صحبة الرواية فهي لمن صحب النبي -صلى الله عليه وسلم- مدة أو حضر له مجلسا أو نحو ذلك مما مكَّنَهُ من سماع النبي -صلى الله عليه وسلم- والرواية عنه.