للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "تهذيب التهذيب" (ج ١١ ص ١٨٣): "قال عبد الله بن محمود المروزي: سمعت يحيى بن أكثم يقول: كنت قاضيا وأميرًا ووزيرًا، ما ولج سمعي أحلى من قول المستملي (١): من ذكرتَ؟ رضي الله عنك".

وفيه (ج ٦ ص ٣١٤): "روي عن عبد الرزاق أنه قال: حججت فمكثت ثلاثة أيام لا يجيئني أصحاب الحديث، فتعلقت بالكعبة وقلت: يا رب ما لي أكذاب أنا؟ أمدلس أنا؟ أمدلس أنا؟ فرجعت إلى البيت فجاءوني".

وقد علم طالب الحديث في أيام طلبه تشدد علماء الحديث وتعنتهم وشدة فحصهم وتدقيقهم، حتى إن جماعة من أصحاب الحديث ذهبوا إلى شيخ ليسمعوا منه فوجدوه خارج بيته يتبع بغلة له قد انفلتت يحاول إمساكها وبيده مخلاة يرجها البغلة ويدعوها لعلها تستقر فيمسكها، فلاحظوا أن المخلاة فارغة فتركوا الشيخ وذهبوا وقالوا: إنه كذاب كذب على البغلة بإيهامها أن المخلاة (٢) شعيرًا، والواقع أنه ليس فيه شيء.

فمن تدبر أحوال القوم بان له أنه ليس العجب ممن تحرز عن الكذب منهم طول عمره، وإنما العجب ممن اجترأ على الكذب.

كما أنه من تدبر كثرة ما عندهم من الرواية وكثرة ما يقع من الالتباس والاشتباه وتدبر تعنت أئمة الحديث بان له أنه ليس العجب ممن جرحوه، بل العجب ممن وثقوه ... ".


(١) علق المعلمي هنا فقال: كان إذا كثر الجمع عند المحدث يقوم رجل صيت يسمع إملاء الشيخ الحديث ويستفهمه فيما يخفى، ثم يعيد ذلك بصوت عال ليسمعه الحاضرون، فهذا الرجل يقال له "المستملي".
(٢) كذا في "التنكيل"، ولعل الصواب: "بالمخلاة" أو "في المخلاة". والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>