للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتحقيق إن شاء الله تعالى أن ما اتفق أئمة السنة على أنها بدعة فالداعية إليها الذي حقه أن يُسَمَّى داعية لا يكون إلا من الأنواع الأولى: إن لم يتجه تكفيره اتجه تفسيقه، فإن لم يتجه تفسيقه فعلى الأقلّ لا تثبت عدالته. وإلى هذا أشار مسلم في مقدمة "صحيحه" إذ قال:

"اعلم وفقك الله أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها وثقات الناقلين لها من المتهمين، أن لا يروي منها إلا ما عرف صحة مخارجه والستارة في ناقليه، وأن يتقي منها ما كان عن أهل التهم والمعاندين من أهل البدع، والدليل على أن الذي قلنا في هذا هو اللازم دون ما خالفه قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} وقال جل ثناؤه: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} وقال: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} فدل ما ذكرنا أن خبر الفاسق ساقط غير مقبول، وأن شهادة غير العدل مردودة، والخبر وإن فارق معناه معنى الشهادة في بعض الوجوه فقد يجتمعان في أعظم معانيهما؛ إذ كان خبر الفاسق غير مقبول عند أهل العلم كما أن شهادته مردودة عند جميعهم". اهـ.

قال المعلمي:

فالمبتدع الذي يتضح عناده: إما كافر وإما فاسق، والذي لم يتضح عناده ولكنه حقيق بأن يتهم بذلك وهو في معنى الفاسق. لأنه مع سوء حاله لا تثبت عدالته، والداعية الذي الكلام فيه واحدٌ من هذين ولَابُدَّ ... (١).


(١) أشار المعلمي هنا إلى ما يتعلق بـ "هوى النفس" وأن ما من إنسان إلا وله أهواء فيما ينافي العدالة، وإنما المحذور اتباع الهوى. راجع نص كلامه في الفصل الأول من فصول العدالة من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>