للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القربة إلى الله تعالى في تثبيته لا يؤمن منه ذلك فليس في الدنيا ثقة، وهذا باطل قطعًا، فالحكم به على المبتدع إن قامت الحجة على خلافه بثبوت عدالته وصدقه وأمانته فباطل، وإلا وجب أن لا يحتج بخبره البتة، سواء أوافق بدعته أم خاللها.

والعدالة "ملكة تمنع من اقتراف الكبائر ... "

وتعديل الشخص شهادة له بحصول هذه الملكف ولا تجوز الشهادة بذلك حتى يغلب على الظن غلبةً واضحةً حصولها له، وذلك يتضمن غلبة الظن بأن تلك الملكة تمنعه من تعمد التحريف والزيادة والنقص.

ومن غلب على الظن غلبةً يصح الجزم بها أنه لا يقع منه ذلك فكيف لا يؤمن أن يقع منه؟ ومن لا يؤمن أن يقع منه ذلك فلم يغلب على الظن أن له ملكة تمنعه من ذلك.

ومن خيف أن يغلبه ضرب من الهوى فيوقعه في تعمد الكذب والتحريف لم يؤمن أن يغلبه ضرب آخر وإن لم نشعر به، بل الضرب الواحد من الهوى قد يوقع في أشياء يتراءى لنا أنها متضادة، فقد جاء أن موسى بن طريف الأسدي كان يرى رأي أهل الشام في الانحراف عن علي -رضي الله عنه- ويروي أحاديث منكرة في فضل علي ويقول: "إني لأسخر بهم" يعني بالشيعة، راجع ترجمته في "لسان الميزان".

وروى محمد بن شجاع الثلجي الجهمي عن حبان بن هلال أحد الثقات الأثبات عن حماد بن سلمة أحد أئمة السنة عن أبي المهزم عن أبي هريرة مرفوعًا: "إن الله خلق الفرس فأجراها فعرقت ثم خلق نفسه منها".

وفي "الميزان" إن غرض الجهمية من وضع هذا الحديث أن يستدلوا به على زعمهم أن ما جاء في القرآن من ذكر "نفس الله" عز وجل إنما المراد بها بعض مخلوقاته.

أقول: ولهم غرضان آخران:

أحدهما: التذرع بذلك إلى الطعن في حماد بن سلمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>