للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلم يتأولون تلك الأحاديث غير طاعنين فيها ببدعة راويها ولا في راويها بروايته لها (١)، بل في رواية جماعة منهم أحاديث ظاهرة جدًّا في موافقة بدعهم أو صريحة في ذلك إِلَّا أَنَّ لها عللًا أخرى، ففي رواية الأعمش أحاديث كذلك ضَعَّفَها أهلُ العلم، بعضُها بضعف بعض من فوق الأعمش في السند، وبعضُها بالانقطاع، وبعضُها بأن الأعمش لم يصرح بالسماع وهو مدلس، ومن هذا الأخير حديث في شأن معاوية ذكره البخاري في "تاريخه الصغير" (ص ٦٨)، ووهَّنه بتدليس الأعمش، وهكذا في رواية عبد الرزاق وآخرين.

هذا وقد مرَّ تحقيق علة رد الداعية (٢)، وتلك العلّة ملازمة أن يكون بحيث يحق أن لا يؤمن منه ما ينافي العدالة، فهذه العلّة إن وردت في كل مبتدع روى ما يقوِّي بدعته ولو لم يكن داعية وجب أن لا يحتج بشيء من مرويات من كان كذلك ولو فيما يوهن بدعته (٣)، وإلا -وهو الصواب- فلا يصح إطلاق الحكم بل يدور مع


(١) عَلَّق المعلمي على هذا الموضع من "التنكيل" بقوله: "كحديث مسلم من طريق الأعمش عن عديّ ابن ثابت عن زرّ قال: قال عليّ: والذي خلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأميّ -صلى الله عليه وسلم- إليَّ أنه لا يحبني إِلَّا مؤمن ولا يبغضني إِلَّا منافق".
عديّ قال فيه ابن معين: "شيعي مفرط"، وقال أبو حاتم: "صدوق، وكان إمام مسجد الشيعة وقاصهم"، وعن الإمام أحمد: "ثقة إِلَّا أنه كان يتشيع"، وعن الدارقطني: "ثقة إِلَّا أنه كان غاليًا في التشيع"، ووثقه آخرون.
ويقابل هذا رواية قيس بن أبي حازم عن عمرو بن العاص: عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- جهارًا غير سِرٍّ يقول: "ألا إن آل طالب ليسوا لي بأولياء، إنما وليّي الله وصالح المؤمنين، إن لهم رحمًا سأبلها ببلاها". ورواه غندر عن شعبة بلفظ: "إن آل أبي ... " ترك بياضًا، وهكذا أخرجه الشيخان.
وقيس ناصبي منحرف عن علي -رضي الله عنه- وولي في هذا كلام". اهـ.
(٢) وهي انتفاء شرط العدالة.
(٣) سبق بيان المعلمي أن صاحب البدعة -كالشيعي- كما أنه لا يؤمن أن يكذب في فضائل أهل البيت فكذلك لا يؤمن أن يكذب في فضائل الصحابة على سبيل التقية أو الخداع ونحو ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>