ثانيًا: ذِكْرُ مَنْ صرح بَعَدم السماع، أو يفيد صنيعه ذلك. ١ - قال البيهقي: لم يثبت له سماع من عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وإنما يقال إنه رآه" السنن: (٨/ ٢٧٧). ٢ - لم يذكر البخاري في "تاريخه الكبير" (١/ ٢٩٥)، ولا مسلم في "الكنى" (١ رقم ٣)، ولا ابن أبي حاتم في "الجرح" (٢/ ١١١)، ولا ابن حبان في "الثقات" (٤/ ٤) روايته عن عمر أصلًا، وإنما ذكروا روايته عن أبيه عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان، وسعد ابن أبي وقاص، وغيرهم من صغار الصحابة. ومن المعلوم من طريقة الأئمة أنهم يذكرون في ترجمة الرجل: الأقدم فالأقدم من شيوخه، وقد يقدمون الأفضل وإن لم يكن هو الأسَنَّ، فما بال عُمر وهو المقدَّم: سنًا وفضلًا، لم يذكره أحدٌ من هؤلاء في شيوخ إبراهيم؟ ٣ - ذَكَرَ مسلم في كتاب "الطبقات" مَنْ قيل إنه ولد في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم ذكر مَنْ بعد هؤلاء قليلًا، ثم قال: الطبقة بعد هؤلاء من أهل المدينة، فذكر: سعيد بن المسيب بن حزن، قال: أدرك من خلافة عمر (ثمان) سنين. ثم قال (١/ ٢٣٥): وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. وحميد بن عبد الرحمن بن عوف. وأبو سلمة ومصعب ابنا عبد الرحمن بن عوف. اهـ. فربما أشعر هذا الترتيب بتأخر إبراهيم عن ابن المسيب، فيكون إبراهيم قد أدرك من خلافة عمر أقل من ثمان سنين، وهذا الإشعار يحتاج إلى تتبع واستقراء لكتاب الطبقات، للنظر في منهج مسلم في ترتيب المذكورين في الطبقة الواحدة. هذا، ولم يخرج أحدٌ مِنْ أصحاب الكتب الستة لإبراهيم عن عمر إلا النسائي في كتاب "المواعظ" من "السنن الكبرى"، حسبما في "تحفة الأشراف" للمزي (٨ / رقم (١٠٣٨٢)، والبخاري تعليقًا، واختلف هل هو المذكور في هذا الموضع أم لا، راجع "التحفة" (٨ / رقم ١٠٣٨١) مع "النكت الظراف" لابن حجر. وليس فيه تصريح بسماع. وبعد هذه العجالة، يظهر لي أن القول ما قال البيهقي رحمه الله ويؤيده ظاهر صنيع من ذكرنا من الأئمة، وأن إبراهيم لا يُدَفع عن إدراك عمر ورؤيته، لكنه كان في سنٍّ لا تحتمل السماع والحفظ، =