فما بالك بمثل الخطيب الذي قد عُرف أنه إنما يروي بذاك السند من كتاب يعقوب، فإذا لم يطعن أحدٌ في شيء يرويه الخطيب من طريق ابن درستويه عن يعقوب، ولا قال أحدٌ: هذه الحكاية ليست في "تاريخ" يعقوب، ولا هذا السياق مخالف لما في "تاريخ" يعقوب بزيادةٍ أو نقصٍ أو تغييرٍ، فقد ثبت بذلك وبغيره صحةُ نُسخة الخطيب، وثبوت ذلك عن يعقوب، وهكذا لم يطعن أحد في شيء رواه ابن درستويه عن يعقوب بأنه ليس في كتاب يعقوب، إما البتة وإما بذلك السياق.
فظهر بهذا أن كُلَّ ما رواه ابنُ درستويه عن يعقوب فهو ثابت في كتاب يعقوب.
وبهذا يتبين أن محاولةَ القدحِ في كل الحكايات التي يرويها الخطيب من طريق ابن درستويه عن يعقوب بمحاولة الطعن في ابن درستويه تعبٌ لا يجدي ولا يفيد ولا يبدىء ولا يعيد". اهـ.
• وفي ترجمة: أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك أبي بكر القطيعي (١٢):
قال الخطيب: كان بعض كتبه غرق، فاستحدث نَسْخَهَا من كتابٍ لم يكن فيه سماعُه، فغمزه الناسُ، إلا أنا لم نر أحدًا امتنع من الرواية عنه، ولا ترك الاحتجاج به، وقد روى عنه من المتقدمين: الدارقطني وابن شاهين ... سمعت أبا بكر البرقاني سُئل عن ابن مالك، فقال: كان شيخًا صالحًا ... ثم غرقت قطعة من كتبه بعد ذلك، فنسخها من كتابٍ، ذكروا أنه لم يكن سماعه فيه، فغمزوه لأجل ذلك، وإلا فهو ثقة.
قال الخطيب: وحدثني البرقاني قال: كنت شديد التنقير عن حال ابن مالك، حتى ثبت عندي أنه صدوق، لا يشك في سماعه، وإنَّما كان فيه بُلْه، فلما غرقت "القطيعة" بالماء الأسود غرق شيء من كتبه، فنسخ بدل ما غرق من كتابٍ لم يكن فيه سماعه.